وأظهرهما: أنه كواحدٍ منهم في أنه يجوز أن يُعْطَى أقلَّ ما يُتَموَّلُ إلاَّ أنه لا يجوز حرمانُهُ للنصَّ عليه، ويُعطَى غنياً كان، أو فقيراً.
والثالث: وبه قال مالك [رحمه الله]: أنَّ لزيدٍ الربع، والباقي للفقراء؛ لأن أقلَّ مَنْ يقع عليه اسمُ الفقراء ثلاثةٌ، فكأنه أوصَى لزيد، ولثلاثةٍ معَهُ، ثم نصيبُ الفقراء يقسَّم بينهم على ما يراه الوصىُّ من تَسَاوٍ وتفاوُتٍ، ولا بدَّ على اختلاف الأوجُهِ من الصَّرْف إلَى ثلاثةٍ من الفقراء، وربما أفهم لفظ صاحب "الشامل" تفريعاً على الوجه الأوسط وجوز الاقتصار على اثنين منْهم، إذا كان زيدٌ فقيراً.
والوجه الثاني: وبه قال أبو حنيفة، وأحمد -رحمهما الله -: أن النصف لزيد، والنصف للفقراء؛ لأنه قابل بينه وبينهم في الذِّكْر، فأشبه ما إذا أوصَى لزيد وعمرو، وعن أبي إسحاق أن زيداً إن كان فقيراً، فهو كأحدهم، وإلاَّ، فله النصفُ، حكى البندنيجي عنه؛ أنه ذكره في الدَّرْس، ونقله إِلى الشَّرْح، فهذا وجه ثالثٌ.
وفي "التَّتمة" أنه إن كان غنياً، فله الربع؛ لأنه يدخل في الفقراء، فهم ثلاثة، وهو رابِعُهم، وإن كان فقيراً، فله الثُلُث؛ لدُخُوله فيهم، وهذا وجهٌ رابعٌ.
هذا كلُّه فيما إذا أطلق ذكْر زَيدٍ، أما إذا وصَفَه بمثل صفة الجماعة، فقال: لزيد الفقيرِ، وللفقراءَ، جرى الخلاف فيما لزيد، إن كان فقيراً، ومنهم من خصص الأوجه بهذه الحالة، ونفى القول بكونه كأحدِهِمْ عند الإطلاق، وإن كان غنيّاً، لم يُصْرَفْ إلَيْه شيءٌ، ونصيبه للفقراء، إن قلنا: إنَّه كأحدهم، وإلاَّ، فهو لورثة المُوصِي، وإن وصف زيداً بغير صفة الجماعة؛ فقال: لزيدٍ الكاتبِ، وللفقراءِ.
قال الأستاذِ أبو منصور: له النصْفُ قولاً واحداً، ويشبه أن يجيءَ فيه القوْلُ بأن له الربُعُ إن لم تجئْ باقي الاختلافات.
ولو أوصَى لزيدٍ بدينارٍ، للفقراءِ بثُلُثِ مالِهِ، لم يُصْرَفْ إلى زيد غَيْر الدينار، وإن كان فقيراً؛ لأنه قطع اجتهاد الوصيِّ بالتقدير، ولك أن تقول: إذا جاز أن يكون التنصيص علَى زَيْدٍ في قوله: "لزيد وللفقراء؛ لئلا يُحْرَمَ زيدٌ، جاز أن يكون التقدير هاهنا: لئلا ينقص المصروف إلَيْه عن دينار، وأيضاً، فيجوز أن يقصد عيْن زيد بالدينار، وَجهه الفقراء بالباقي، فيستَوِي في غرضه الصَّرْف إلى زيد وغيره.
ولو أوصَى لزيد، وللفقراء، والمساكين، فإن جعلناه كأحدهم في الصورة السابقةِ، فكذلك هاهنا، وإن جعلْنا له النصْفَ هناك، فله الثلثُ هاهنا، وإن جعلْنا له الربُعَ هناك، فله السبُعُ هاهنا.
القسم الثاني: إذا كانوا معينين، نُظِر؛ إن لم يكونوا محصُورِينَ كالعَلَوِيِّينَ