للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطَّالِبِيِّينَ، فسنذكر الخلافَ في صحَّة الوصيَّة لهم وإن صحَّحنا، فالحُكْم كما إذا كانوا موصُوفِينَ، وإن لم نصحح، قال المسعوديُّ: هو كما لو أوصَى لرجل وللملائكة، وإن كانوا محصُورِينَ، فهو كأحدهم أم له النصف قال الأستاذ أبو منصور: فيه احتمالان أظهرهما الثاني، ثم حكى اختلافاً للأصحاب في أن النصْفَ الذي هو لهم (١) يُقَسَّمُ بين جميعهم، أم يجُوزُ صرْفُه إلى ثلاثة منهم؟ والمشهورُ لزومُ القسْمة على الجَمِيعِ.

فَرْعٌ: له ثلاثُ أمهاتِ أولادٍ، وأوصى لأمهاتِ أولادِهِ، وللفقراءِ، والمساكين.

قال المتولِّي: ظاهر المذْهَب قسمةُ المال علَى الأصنام أثلاثاً، وعن أبي علي الثقفيِّ: أنه يُقسَّمُ على خمسة؛ لأن أمهاتِ الأولادِ محصوراتٌ، ويجب استيعابُهُنَّ، والفقراءُ، والمساكينُ غيرُ محصورين، فَيُجْعَلُ كلُّ واحد من الصنْفَيْنِ مصرفاً وكلُّ واحدةٍ من أمهات الأولاد مصرفاً، [والله أعلم].

المسألة الثانيةُ: في الوصية لجماعةٍ معينين غيرِ محصُورين؛ كالعلوِيَّة، والهَاشِمِيَّة، والطالِبِيَّة، قولان، ويُقَال: وجهان:

أصحُّهما: وبه قال أحمد -رحمه الله- أنها صحيحةٌ كالوصية للفقراء، والمساكين.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- أنها باطلة؛ لأن التعميم يَقْتَضِي الاستيعاب، وأنَّه ممتنعٌ بخلاف الفقراء، فإنا عرَفْنَا هناك عرفاً مخصصاً للشرع بثلاثة، فاتَّبَعْناه. ومَنْ نَصَرَ الأول، قال: ذلك العرف إنَّمَا يثبت في الفقراء، وأصناف الزكاة، ثم ألحق به العلماء ونحوْهم بالاتفاق، فجاز أن يلحق به العَلَوِيَّة، ومن في معناهم لتعذُّر الاستيعاب، فإن قلنا بالأول، لم يجب الاستيعابُ، ويجوز الاقتصارُ عَلَى ثلاثةٍ منهم، ولا يجبُ التسوية، كما في الفقراء، ولا يُشْتَرَطُ القبول.

ومهْما أوصَى لبني فلان، فإن عدوا قبيلة كبني تميم، وبني هاشم، فهي كالوصيَّة للعلَوِيَّة، وفي جواز الصرف إلى [أبنائهم] (٢) وجْهان، ذكرناهما في "الوقْف" عَلَى بني تميم؛ والأظهرُ الجوازُ: فإن لم يُعَدُّوا قبيلةً؛ كبني زيْدٍ، وبني عَمْرٍو، فيشترط القبول، والاستيعابُ، والتسويةُ، ولا يجوزُ الصَّرْف إلى الإناث.

وأما لفظ الكتاب فقوله: "وإذا أوصَى لزيْد، وللفقراء"، أجرى ذكر زيد من غَيْر وصْف بالفَقْر، ولا غيره، فيجوز أن يريد به المشترك بين صورة تجريد ذكْر زيد، ووصفه ويجوز أن يريد صورةَ التجْريد علَى التقْدِيرَيْنِ، فيجوز أن يُعْلَم قولُهِ: "قال


(١) في ب: له.
(٢) في ز: إناثهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>