الشافعيُّ -رضي الله عنه-: "القِيَاسُ أنَّهُ كَأَحَدِهِمْ" لما ذكرنا أن بعضهم لمْ يُثْبِتْ هذا القول في صورةِ التجريد، وحَمَلَ لفظ الشافعيِّ -رضي الله عنه- على ما إذا أوصَى لزيد الفقير، وللفقراءِ، ويجوز أن يُعْلَمَ ما سوَى وجه "النصْف" بالحاء والألف؛ لأنهما يقولان بذلك الوجه، وما سوى وجه "الربع" بالميم؛ لأن مالكاً يقول به، وقوله:"أو قبيلة عظيمة" يعني التي تنحصر، لا التي تكثر.
قَال الرَّافِعِيُّ: إذا أوصَى لزيد وجبريل عليه السلام فوجهان:
أصحهما: أن النصْفَ لزيد، وتبطُلُ الوصية في الباقي، كما لو أوصَى لزيد، ولأحد ابْنَيْهِ، يكون لزيد النصْفُ، وتبطل في الباقي، إن لم نصحح الوصيَّةَ للوارث، أو صحَّحناها، ورُدَّ بسائر الورثة كما لو أوصَى لابْنِ زيدٍ، وابْنِ عمْرٍو، ولم يكن لعمرٍو ابْنٌ، أو لزيدٍ وعَمْرٍو، وابْنَيْ بَكْرٍ، ولم يكن لبكرٍ إلاَّ ابنٌ، يسمى زيداً يكون النصفُ للموجود، ويبطل الباقي.
والثاني: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-: أن الكلَّ لزيد، ويلْغُو ذكْرُ من لا يثبت له الملك ويفارِقُ تلك الصورة؛ فإن المذكور هناك ممَّن يثبت له الملْكُ، ولم يذكر صاحب الكتاب في المسألة سِوَى الوجه الأول، وذكر الوجْهَيْن فيما إِذا قال: لزيد وللرِّيح، وأوهم القطْعَ بما ذكر في الصُّورة الأولى؛ فرقاً بأن جبريل حيٌّ قادرٌ، والإضافة إلى الرِّيح لاغيةٌ مِنْ كل وجه، والأكثرون نقلوا فيهما وجْهَيْن بلا فرق، وطردُوهما في كلِّ صورة. أَوْصَى لزيدٍ، ولمَنْ لا يُوصَفُ بالملك؛ كالشيطان (١)، والبهيمة، والحائط، وغيرها, ولو أوصَى لزيد وللملائكة، أو لزَيْدٍ وللرياحِ، أوله وللحيطانِ، فإن جعلنا الكلَّ لزيدٍ، فذاك، وإلا، فله النصف، أو الربعُ، أو للموصِي أن يعطِيَهُ أقلَّ ما يُتَمَوَّلُ على الخلافِ المذكورِ فيما إذا أوصَى لزيد، وللفقراء، أو لو أوصَى لزيد وللَّهِ تعالَى، فوجهان:
أحدهما: أن الكلَّ لزيد، وذكْرُ اللَّه تعالَى للتَّبَرُّك؛ كقوله تعالَى في آيتَي الفَيْءِ،
(١) ما جزم به أن الشيطان لا يملك به نظر لورود الأحاديث بأنه يأكل ويشرب وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- العظم زاد الجن وغير ذلك وهذا يستدعي تصور الملك، وعلى هذا فيصرف لزيد النصف ويكون كما لو أوصى لمجهول لتعذر الوصول إلى تمليك الشياطين.