والثاني: أن النصفَ لزيد، والباقي للفقراء؛ فإنَّهم مَصَبُّ الحقوق المضافة إلى اللَّهِ تعالَى. قال الأستاذ أبو منصور: وهذا أصحُّ الوجهَيْن، لكنه لم يخصَّص النصف الباقي بالفقراء، بل [لو] قال: إنه في سَبِيل اللَّه، يُصْرَفُ إلَى وجوه القُرْب، وفيه وجه ثالثٌ عن ابن القاصِّ، أن النصفَ يُرْجَعُ إلَى ورثة الموصِي.
واعلم أنا حكَيْنا فيما إذا أوصَى لأجنبي، ووارث يطلب الوصيةُ في حقِّ الوارث وجهاً أنها تبطل في حقِّ الأجنبيِّ أيضاً، بناءً على أن تفريق الصفقة لا يجوز، وذلك الوجهُ علَى ضعْفه يلزم طَرْدُه في نَصِيبِ زيْدٍ في هذه الصُّورة.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الكلامُ في هذا الموضِعِ إلَى آخر الطَّرَف في الوصيَّة للقرابة، وتشتمل مسألتَيْنِ:
إحداهما: إذا أَوْصَى لأقارِب زَيْدٍ، فيتضح الحكم بذِكْرِ جُمَلٍ:
إحداها: يدخل في هذا اللفظ الذكَرُ والأنْثَى، والفقيرُ والغنيُّ، والوارثُ وغيرُ الوارثِ، والمحرمُ وغير المحرم، والقريبُ والبعيدُ، والمسلمُ والكافرُ, لأن الاسم ينتظم الجميع. وقال أبو حنيفة: لا يدْخُل الغنيُّ، ولا غيرُ المَحْرَمِ، ولا يسوى بين القريبِ والبَعِيدِ، بل يُقدَّمُ الأقربُ، فالأقربُ، ولا يصرف إلى العَمِّ شيءٌ مع ولَدِ الأخِ، ولا إلى ابن العم مع العمّ.
وقال مالِكٌ -رحمه الله-: لا يدخل غير الوارث، وعن أحمَد -رحمه الله- أنه لا يدخلُ الكافر، ولو أوصَى لأقارب نفسه، ففِي دخول الورثة وجهَان.