للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنهم لا يدْخُلون لقَرينَة الشَّرْع، لأنَّ الوارث لا يُوصَى له، خاصَّة، ولا يدخُلُ في عموم اللفظ، فعلَى هذا تختصُّ الوصية بالباقين، هذا ما يُحْكَى عن الصَّيْدَلانِيِّ، ولفظ الكتاب يقتضي ترجيحَهُ، ولم يذكر في "التتمة" غيره.

والثاني: يدخُلُونَ؛ لوقوع الاسْمِ عليهم، ثم يبطل نصيبهم، ويصحُّ الباقي لغير الورثة. ولك أن تقولَ: وجَبَ أن يختص الوجهان بقولنا: إنَّ الوصيةَ للوارِث باطلةٌ، أما إذا قلْنَا: إنَّها موقوفةٌ على الإجازة، فليُقْطَعْ بالوجّهِ الثاني.

الثانية: في دخول الأصُولِ والفُرُوعِ أوجُهٌ:

أحدها: وبه قال أبو حنيفة وأبو إسحاق -رحمهما الله-: إن الاُبَوَيْنِ، والأولادَ لا يدْخُلون، ويدخل الأحفادُ، والأجدادُ؛ لأن الولد والوالد لا يُعَرَّفَانِ بالقريب في العُرْف، بل القريب من ينتمي إلَيْهِ بواسِطَةٍ.

[والثاني: أنه لا يدخلُ واحدٌ منْ الأصول والفروع؛ إذ: لا يُسَمُّوْنَ أقارِب] (١).

والثالث: يدخلُ الكلُّ وهذا ما أورده المتولِّي، ورجَّحه الشيخ [أبو الفرج] الزاز، ولهما أن يمنعا ما زَعَمَهُ صاحب الوجّه الأوَّل في تفسير القَرِيب، وأنْ يحتجا بأنَّ الأب والابن يدخلان فيما إذا أوصَى لأقرب الأقارب، فكيف يكون الشخص أقْرَبَ الأقارب، ولا يكون من الأقارب، وعلى هذا؛ فالأوَّلُ أظهرُ من جهة النقل، كما يشعر به نظْمُ الكتاب، حتى أن الأستاذ أبا مَنْصُورٍ ادَّعَى إجماع الأصحاب عَلَى أنه لا يدْخُلُ الأبوان والأوْلاَد.

الثالثة: يعتبر أقربُ جدٍّ يُنْسَبُ إليه الرجُلُ، ويعدُّ أصلاً، وقبيلة في نفسه، فيرتقي في بني الأعمام إليه، ولا يعتبر من فوقه حتَّى لو أوصَى لأقارب حَسَنِيٍّ، أو أوصى حَسَنِيٌّ لأقارب نفسه، لم يدخُلِ الحسينيون. وكذلك وصيَّة المأموني لأقاربه، والوصية لأقارب المأمونيِّ لا يدخل فيها أولاد المعتصم، وسائر العباسية، والوصية لأقارب الشافعيِّ -رضي الله عنه- في زمَانِهِ يُصْرَفُ إلَى أولاد شافِعٍ، ولا يدخل فيها أولادُ عَلِيٍّ، والعبَّاسِ، وإن كان شافعٌ, وعليٌّ، وعبَّاسٌ، كلُّهم أولادُ السائِبِ بنِ عُبَيْدِ، والشافعيُّ هو مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ بْنِ العَبَّاسِ، بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

ولو أوصَى مُوصٍ لأقارِبَ بَعْض أولادِ الشافعيِّ -رضي الله عنه- في هذه الأزمنة، دخَلَ فيه أولادُ الشافعيِّ -رضي الله عنه- دون غيرهم منْ أولاد شافِعٍ، وعلَى هذا القياس.


(١) سقط في: ز، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>