للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أَحمد -رحمه الله- أنه يُنْظَرُ إلَى الأب الثالث، فتُصرَفُ الوصيةُ إلى أولاده، دون أولاد الأب الرابع، ومن فوقه.

الرابعة: وصية العجَمِ، يدْخُلُ فيها قرابةُ الأب، والأمِّ في وصية العَرَبِ وجهان:

أظهرهما: عند المصنِّف وصاحب "التهذيب": أن قرابة الأمُّ لا تدخلُ، وبه قال أحمد -رحمه الله- لأن العرب لا تعدُّها قرابةَ، ولا تفتخر بها، وإنما تفتخر بمَنْ ينتمي إلَيْهم منْ جهة الأبِ.

والثاني: وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله- وهو ظاهر النص في "المختصر": الدخولُ كما في وصية العجم، والذي ادعاه صاحبُ الوجه الأول ممنوعٌ؛ ألا تَرَى إِلى ما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِني امْرُؤٌ خَالَهُ" (١) وبهذا أَجَاب أَصحابُنا العراقيُّون، وهو الأقوى.

الخامسةُ: لا فَرْقَ بين أن يقول: أوصيتُ لأقاربي، أو لقرابتي، أو لذِي قرابَتِي، أو ذي رَحِمِي، أو ذَوِي قرابَتِي، أو ذَوِي رَحِمي، في جميع ما ذكرنا، لكن قرابة الأمِّ عَلَى ما هو ظاهرُ النصِّ يدخل في لفظ الرَّحِم، بلا خلاف، في وصية العرب والعَجَم، جميعاً؛ لأن لفظ الرحِم لا يختص بطرف الأب، وإذا لم يوجَدْ إلاَّ قريبٌ واحدٌ، صُرِفَ المال إليه، إن أوصَى لذوي قرابته، أو ذي (٢) رحمه، أو لقرابته، فإن القرابة مصدرٌ يوصَفُ بها الواحدُ والجميعُ، أما إذا كان اللفظ: لأقارِبِي، أو أقربائي، أو ذوي قَرَابَتِي، أو ذوي رحمي، فوجهان في أنه، هل يكون له الكُلُّ:

أظهرهما: نعم؛ لأن الجميع ليْسَ مقصوداً هاهنا، وإنما المقصود الصَّرْف إلَى جهة القرابة، هكذا وجه الإمام، لكنه لو كان كذلك، لَمَا وجب الاستيعابُ؛ كالوصية للفقراء، وإذا قلْنا: لا يكونُ الكلُّ لذلك الواحد، فله الثلثُ، ويبطُلُ الباقي، وحكى الأستاذ أبو منصور وجّهاً آخَرَ؛ أنَّه يكون له النصفُ، إن كان هناك جماعةٌ محصُورون، فَيُقَسَّمُ المالُ بينهم بالسوية، ولا بد منْ استيعابهم، خلافاً لأبي حنيفة - رحمه الله- حيث جَوَّزَ صرْفَ المال إلَى ثلاثة منهم.

وحكَى الحناطيُّ وجهاً مثْلَهُ، وقد مضَى نحوٌ منه عن رواية الأستاذ أبي منصور،


(١) أخرجه الترمذي. والحاكم من حديث جابر قال: أقبل سعد -يعني ابن أبي وقاص- فذكره.
(تنبيه) خؤلة سعد للنبي -صلى الله عليه وسلم- من جهة أمه آمنة لأنها من فخذه بني زهرة وقد وقع مثل هذا في حق أبي طلحة الأنصاري رواه الحاكم عن أنس نحوه، وخؤله أبي طلحة له من جهة أم والده عبد الله ابن عبد المطلب؛ لأنها من فخذه بني النجار.
(٢) في ب: ذوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>