للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: وهو الأظهر: أنه يقوم العبد بمنافعه، ثم يقوم مسلوبَ المنفعة في تلْكَ المدة فما نقص، فهو المعتبرُ منْ الثلث، وقيمة الرقبة في هذه الحالة محسوبةٌ من التركة بلا خلاف. ويتفرَّع على الخلاف المذْكُور صُوَرٌ:

إِحداها: إذا أوصَى بمنفعةِ عبدِهِ ثلاثَ سِنِينَ، ولا مالَ له سواه، إن اعتبرنا قيمة الرقَبَة منْ الثلث، صحَّت الوصية في منافع الثلث، ورُدَّتْ في الباقي، وإن اعتبرنا ما نقَصَ بسَبَب الوصية، وكان النقصان نصف القيمة، فتُرَدُّ الوصية في سُدُسِ العبد، أو ينقص منْ آخِرِ المدَّة سدُسُها؟ فيه وجهان.

أظهرهما الأول؛ لأن قيمة المنافع تختلفُ باختلاف الأوقات.

والثانية: أوصَى برقبته لإنسان، وبمنفعته لآخَر، إن قلنا: يُعْتَبَرُ منْ الثلث كمال القيمة، فَيُنْظَرُ فيما سواه من التَّركة، ويسلم إلَى كلَّ واحد حقُّه كاملاً أو غَيْرَ كامل، وإنْ قلنا: المعتبر التفاوتُ، فإن حسبنا الرقبة على الوارث [إذا بقيت له هاهنا يحسب كمال القيمة عليهما وإن لم تحسب الرقبةُ على الوارث] (١)، فكذلك لا تحسب على الموصَى له بها، وتصحُّ وصيته من غير اعتبار الثلث، كذلك ذكره في "التتمة".

والثالثة: أوصى بالرقبة لإنسان، واستبقى المنفعة للورثة، فإن قلنا: المعتبر منْ الثُّلُث كمال القيمة، لم تعتبر هذه الوصية من الثلث، لجعلنا الرقبة الخالية عن المنفعة كالتالفة، وإن قلنا: المعتَبَرُ التفاوُتُ فإن حسبنا قيمة الرقَبَةِ على الوَارِثِ، فهاهنا تُحْسَبُ قيمة الرقَبَةِ على أرباب الوَصَايَا، وندخلها في الثلث، وإن لم تحسب قيمة الرقبة على الوارث، فهاهنا يحسب قدر التفاوت على الوارث، ولا يحسب قيمة الرقبة على أرباب الوصايا.

الرابعة: العبد الموصَى بمنفعته، لو غصبه غاصب، فلمن تكون أجرة المدة التي كانَتْ في يد الغاصب؟

قال في "التتمة": إن قلنا: المعتَبَرُ منْ الثلث جميعُ القيمة، فهي للموصى له، فكأنه فَوَّت الرقبة على الوَارِثِ، وإن قلنا: المعتَبَرُ التفاوُتُ، فوجهان:

أحدهما: الأجرة لمالك الرقبة، كما لو غَصَبَ العبد المستأجر.

وأظهرهما: أنها للموصَى له؛ لأنها بدل ملكه، وتخالف الإجارة لأن الإجارة تنفسِخُ في تلك المدَّة، فتعود المنافع إلَى ملك مالك الرقبة.

والخامسة: لو أوصَى بثمرة بستانه، خرج على الخلاف، ففي وجهِ: تُعْتَبَرُ جميع قيمة البستان منْ الثلث، وفي وجهٍ: ما بين قيمته بمنافعه وفوائده، وبين قيمته مسلوب


(١) سقط في أ، ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>