ولو كان الثلثُ مائةً، فإن كان أجرة مثل الحجِّ مائةً، فلا شيء للموصَى لهما وإن كان أجرة مثله خمسين، أُخِذَ للحجِّ خمسون، ثم عَلَى ما ذكر ابن الحدَّاد؛ الباقي بين الحجِّ والموصَى له بالسويَّة، وعلَى الصَّحيح الباقي بين الحجِّ والموصى له بالثلث على ثلاثة؛ للحجِّ واحدٌ؛ لأن الوصيَّة في هذه الصورة للحجِّ بخمسين، وله بمائةٍ، وإذا لم تَفِ حصَّةُ الحج في هذه الصورة بالحَجِّ، فإن كانت الموصية بَحَجِّ التطوع، بَطَلت، وإن كانَت بحَجَّة الإِسلام، كمَّلنا من رأس المال، وقد بينا طرِيقَهُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: جرت العادَة بذكرِ ما يقع عن الميِّت بفعل الغَيْر في هذا المَوْضِعِ لمناسبة الحَجِّ عنه؛ إما بالوصية، أو دونها؛ فالحجُّ يؤدى عنه، إن كان فَرْضاً، ثم إن عَيَّن شَخْصًا، أو أوصَى إليه فيه، فعله عنه وارثًا كان، أو أجنبياً، ولو قال: أحِجُّوا عني، ولم يُعَيِّن، فللوارثِ أن يَحُجَّ عنه بنفسه، وله أن يأمر أجنبيَّاً بذلك، وإن لم يُوص به أصلاً، فللوارثِ أن يَحُجَّ عنه، وكذا للأجنبي، إن أذن الوارث، ودون إذْنه، وجهان:
أظهرهما: الجوازُ، كما لو كان عليه دَيْنٌ، فقضاه عنه.
والثاني: المنْعُ؛ لأن الحجَّ عبادة تفتقر إلَى النية، ولا تصح النية إلاَّ باستنابته أو باستنابة نائبة، وأما حجُّ التطوع، ففي جريان النيابَةِ فيه خلاف، قد سَبَق، فإن أجريناهما، ففي "أمالي" السرخسيِّ، أن للوارث أن يُنِيبَ فيه، وأنه إذا أوصَى الميت إلَى معيَّن، فعل، ولو استقل به أجنبيُّ، فوجهان:
أصحهما: المنع وفي هذا الإيراد تجويز الإنابة للوارث، وتجويز، فِعْله بنفسه، وإن لم يوص [الميت به، لكن العِرَاقيُّون، أطلقوا أنه إن لم يوص بحجِّ التطوَّع](١)، لم يحج عنه، والزكاة المؤداة عنه، كالحجِّ الواجب حتى يجُوز للأجنبيِّ أن يؤدِّي عنه زكاة المال؛ وزكاةَ الفِطْر علَى الأظهر، وقد حكاه الرويانيُّ في "التجربة" عن النص.