للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ أبي هريرة وعامة الأصحاب -رحمهم الله تعالى-: لا فرق بين التقديم والتأخير، والوصيَّة بالمائة، وبما يبقَى من الثلث بَعْد المائة، وصيَّة بثلث آخر، وهذا الشخْصُ قد أوصَى بالثلثين، ولولاَ ذلك، لحَكْمنا فيما إذا أوصَى لزَيْدٍ بالثلث، ثم لعَمْرو بالثلث ببطلان الوصية الثانية، ولما وزَّعنا الثلُثَ عليهما.

وهذا كلُّه جواب على أن الحجَّ لا يُقَدَّمُ في الثلث عَلَى سائر الوصايا، وإنَّما قدَّمنا مائةَ الحَجِّ عَلَى وصيَّةَ الموصَى له بالباقي؛ لأنَّ موصى قدَّمها لفظاً.

فأما إذا قدَّمنا الحجَّ على سائر الوصايا، فإن كان الثلث ثلاثمائة، والمائةُ المقررةُ للحَجِّ أجرةَ مثْلِ الحج، فتؤخَذُ المائة من رأس الثلث؛ وكيف يُقَسَّمُ الباقي بين الموصَى له بالباقي، والموصَى له بثلث جميع المال.

قال ابن الحدَّاد: يُجعَلُ بينهما نصفَيْن؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما، لو انفرَدَ مع الحج لأخَذَ ما زاد على المائة، وغلَّطه عامَّةُ الأصحاب، وقالوا: يُقسَّم الباقي بينهما على قدْرِ وصيتهما، والوصية للموصى له بالباقي بما تبيَّن، وللموصَى له بالثلث بثلاثمائة، فيُقَسَّم الباقِي بينهما على خَمْسَة أسْهُمٍ؛ للموصَى له بالباقي ثمانُون لسهمَيْن، وللآخر مائةٌ وعشْرُون بثلاثةَ أسْهُم، وإن كان أجر مثل الحجَّ خمسين، والصورة بحالها، أُخِذَ من الثُّلُث خمسون أولاً، ثم قال ابن الحدَّاد: ويُجْعَلُ الباقِي بين الموصَى له بالثلث، وبين الحج والوصية الأخْرَى نصفين؛ للموصَى له بالثلث مائة وخمسة وعشرون، ويُصْرَف من الباقي خمْسُون إلى الحجِّ بالوصية، والباقي للموصَى له الآخر.

وقال الآخَرُونَ: بل يُقَسَّمُ الباقي بعد أجرة مثل الحجِّ عَلَى أحدَ عَشَرَ سهماً؛ لأن الوصية في هذه الصورة للموصَى له بالثلث بثلاثمائة والحج، وللموصى له الآخر بمائتين وخمسين، والنسبةُ بينهما ما ذكرنا، فللموصَى له بالثُّلُث ما يخص ستة، والباقي يقدم الحاجّ منه بخمسين؛ لأنَّ حقَّ الموصَى له الآخر مؤخَّر عن مائة الحج، والباقي له.

ولو كان الثُّلُثُ مائتين، فإن كان أجرة مثل الحجِّ مائةً، أُخِذَ من رأس المال، ثم عَلَى قول ابن الحدَّادِ يُجْعَلُ الباقِي بينهما نصفين، وعلى الصَّحِيح يُجْعَلُ بينهما عَلَى ثلاثة أسهُمٍ؛ لأن الوصية لهذا بمائة، ولهذا بمائتين. ولو كان أجرة مثله خمسين، فيُؤخَذُ خمسون أولاً، والباقي عَلَى قول ابن الحدَّادِ بين الموصَى له بالثلث، وبين الوصيتين الآخريين بالسَّوِيَّة، ثم يقدم الحاجُّ بخمسين من حصتهما.

وعلى الصحيح: يُجْعَلُ المال بعد الخمسين عَلَى سبعة أسهم؛ لأنه أوصَى لأحدهما بمائتين، وللحج، وللآخر بمائةٍ وخمسينَ، فللموصَى له بالثلث ما يخصُّ أربعة، والباقي يُؤخَذُ منه خمسون للحج، والباقي للموصَى له الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>