ما لم يُعْرَفِ المأخوذ منْ رأس المال، ولا يُعْرَفُ ذلك حتَّى تُعْرَفَ حصَّةُ الحج، فالطريقُ أن تأخذَ منْ التركة شيئاً لإكمَالِ حصَّة الحجِّ، يبقى ثلاثمائة إلا شيئاً، يفرز ثلثه، وهو ماثةٌ إلاَّ ثُلُث شيء، يُقَسَّمُ بين الحجِّ والموصَى له نصْفَيْنِ، فنصيبُ الحجِّ خمسون، إلاَّ سدس شيء، فيُضَمُّ الشيءُ المُفرز إليه، يبلغ خمسين وخمسة أسداس شيء تعدل مائة، وذلك تمام الأجرةِ فيسقط الخَمْسِينَ بخَمْسِينَ، يبقَى خمسة أسداس شيء في مقابلة خمسين، وإذا كانت خمسة أسداس الشيء خمسين، كان الشيء ستين فعَرَفْنَا أن ما قرَّرْنَاه سِتُّونَ، فنأخذ ثلث الباقِي وبعد الستين، وهو ثمانُونَ، ونقسِّمه بَين الوصِيَّتَيْنِ، يخص كل واحدة أرْبَعُون والأربعون مع الستين تمام أجرة الحَجِّ.
فَرْعٌ: أوصَى بأن يُحجَّ عنه تطوُّعاً، أو حجة الإِسلام منْ ثلثه بمائة، وأوصَى بما يبقى منْ ثلثه بعد المَائة، لإنسان، وثلث ماله لآخر، ولم تُجز الورثة ما زادَ عَلَى الثُّلُثِ، فيقسَّم الثلث بين الموصَى له بالثلث، وبين الوصيَتَيْنِ، الأخْرَيَيْنِ نصْفَيْن؛ لأن الوصية له بمثْلِ الوصيَتَيْن الأخريين، فإذا كان ثلث المال ثلاثمائة، كان للموصَى له بالثلث مائة، وخمسون، والباقي بين الحجِّ والموصَى له بالباقي، وفي كيفية القسْمَة بينهما وجهَان:
أحدهما: ويُحْكَى عن ابن خَيْرانَ: أنه يُصرَفُ خَمْسُون إلَى الحجِّ، ومائةٌ إلى الموصَى له بالباقي؛ رعايةً للنسبة بين الوصيَتيْن على تقدير الإجازة، وأيضاً فإن الموصى له بالباقي، يقول للحاج أوصَى لي بالثُّلُث ولك أثلاثاً، ثم دخل علينا الموصَى له بالثلث، فليس لك أن تُدْخِلَ عَلَيَّ ضرراً بدُخُوله علَيْنا.
وأصحُّهما: أنه يصرف مائة إلى الحَجِّ، وخمسُون إلى الموصَى له بالباقي؛ لأنه لم يوص إلاَّ بما يزيدُ على مَائَةِ الحجِّ.
ولو كان الثلثُ مائتين، فللموصى له بالثلثُ مائة، ويدخل الموصَى له بالباقي في الحساب، ويعدُّ على الموصى له بالثلث، ثم المائةُ الثانيةُ تُصْرَفُ إلى الحَجِّ في أصحِّ الوجهَيْنِ، ولا شيْءَ للموصَى بالباقي، ونظيره المعادة في الفرائِضِ، وفي الوجّهِ الثاني المائة، الثانية، بين الحجِّ والموصَى له بالباقي في الحساب بالسويَّة.
ولو كان الثلثُ مائةً؛ فيقسم بين الحج والموصَى له بالثلثِ نِصْفَيْنِ، ولا يدْخُلُ الموصَى له بالباقي في الحساب؛ لأنَّ الثلث غَيْر زائدٍ عَلَى ما عيَّنه للحجِّ؛ ولا شيء للموصى له بالباقي، وإن لم تُوجدِ الوصية الثالثَة، بخلاف ما، إذا كان الثُّلُث فوق المائة.
ولو كانَتِ الوصايا بحَالِها؛ لكنه أوصَى أولاً بالثلث لإنسان، ثم أوصى بالحجِّ بمائة، ثم، لآخرَ بما يبقى منْ الثلث بعد المائة، فعن أبي إسحاق أن الوصيَّة بالباقِي منْ الثُّلُث بعد المائة باطلةٌ؛ لأن الوصيَّةَ الأولَى قد استغرقَتِ الثُّلُث.