وأما غير الصوْمِ؛ كالصلاة عنه قضاء، أو غير قضاء، وقراءة القرآن عنه: فلا تنفعه، واستثنى صاحب "التلْخِيصِ" عن الصلاة ركعتَيِ الطواف، وقال: يأتي بهما الأجيرُ عن المحجوج عنه، ووافَقَهُ بعضُ الأصحاب، وقالوا:[إنه] يقع عنه تبعاً للطَّواف، ومنهم من قال: هِيَ عنِ الأجير وَتَبرَأُ ذمة المحجوج عنه بما يفعل، كما لو ارتكَبَ محظورًا، ولزمه الدَّمُ، أو الصَّوْم.
والظاهر الأوَّلُ، ويمكن أن يُعْلَمَ قوله:"وأما الصلاةُ عنه قضاءً لما فاته لا تنفعه" بالواو لتخريج من الصوم أشرنا إليه، وقد ذكرناه في "باب الصوم".
والذي يعتاد من قراءة القرآنِ عَلَى رأس القُبُور قد ذكرنا في "باب الإجارة" طريقين في عَوْدِ فائدتها إلى المَيِّت، وعن القاضي أبي الطيِّب طريقٌ ثالثٌ، وهو أن الميت كَالحَيِّ الحاضِرِ، فتَرجى له الرحمة ووصُولُ البركة إليه، إِذا أَهْدَى الثوابَ إلى القارئ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ضمن هذا الفصل فروعاً متفرَّقة:
أحدهما: إذا مَلَكَ في مرض موته من يُعْتَقُ عَلَيْهِ، نُظِر: إِن ملكه بالإرث، فوجهان في أنَّه يعتق من الثلث أو من رأس المال:
أحدها: من الثُّلُثِ؛ لأنه حَصَل في ملِكْهِ، ثم زال، فأشبه ما إِذا أَعْتَقَ عَبْداً وَرِثَهُ في مَرَضِهِ، وما إذا وَرِثَ مالاً، فاشْتَرَى به مَنْ يُعْتَقُ عليه.
والثاني، ويحكَى عن مالك -رحمه الله-: أنَّه يُعْتَقُ من رأس المال؛ لأنه لم يقْصِدْ تملُّكاً ولا إزَالَةَ ملْكٍ، بل حصل بغير اختياره، وأَيضًا لم يبذُلْ في مقابلته مالاً فيتضرر به الورثة، وبهذا الوجه أجابَ صاحِبُ الكتاب هاهنا، ونقل الوجهَيْنِ في كتاب "العِتْق" وما الأصحُّ منهما؟ قال في "التَّهْذِيب": الأول أَصَحُّ وذكر المتولِّي أنه ظاهرُ النَّصِّ وأَن الثانِيَ من تخريج ابْن سُرَيْجٍ، لكن الأَشبه ترجِيحُ الثاني عَلَى ما أجاب به في الكِتَابِ؛ لأن في كَلامِ الشيخ أَبِي عليٍّ وغيره ما يقتَضِي الجَزْمَ به ورفع الخلاف، وأَيضًا فلم يُورِد الأُستاذ أَبو منصور غيره.
ولو وهب منْهُ مَنْ يعتق عليه، أَو أَوصَى له به، فإن قلْنا: إِنه لَوْ وَرِثَه، لَعَتَقَ من