للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأقْرَعْنَا بينهم بسهمي رق وسهم عتق، فمن خَرَجَ له سَهْمُ العِتْقِ، عَتَقَ، فكذلك هاهنا.

ولو قال: أَعْتَقتْ ثُلثَكُمْ، أو ثُلُثُكُمْ حُرٌّ، فهو كما لو قال: أعتقتُكُمْ أو أعتقْتُ واحداً منْكُم، فيُقْرَعُ بينهم، ولا يجيءُ الوَجْهَان، ومنْهُمْ مَنْ جاء بالوجْهَيْن، وجعل الصيغَتَيْنِ، كما لو قال: أثْلاثُ هؤُلاءِ أحرارٌ، ولو أضاف إِلى الموت، فقال: أثلاثُ هؤلاءِ أحرَارٌ بعد موتي، أو ثُلُثُ كلِّ واحدٍ منهم، فيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ واحدٍ منْهم ثلُثُه، ولا يُقْرَعُ؛ لما ذكرنا أَنَّ العتق بعْد المَوْت لا يَسْرِي، نعم، لو زَادَ ما أعتق على الثلث، فيُقْرَع لردِّ لزيادة لا للسِّراية، وفي "التهذيب" وغيره وجْهٌ [آخر] أنَّه يُقْرَع، كما لو نجز في مرض الموت، فمَن خَرَجَ له سَهمْ العِتْق، عَتَقَ وَرَقَّ الآخران، والصَّحِيحُ الأَوَّل، وبه أجاب ابن الحدَّاد، وفَرَّع عليه بما أوضَحَه، فقال: لو قال للأعْبُدِ الثلاثةِ: النِّصْفُ مِنْ كلِّ واحدٍ منكم حرٌّ بعد موتي، فقد عَتَقَ نصْف ماله، فإن لم تُجز الورثةُ، لقُرعَ بين العبيد بسَهْم رِقٍّ وسَهْمَيْ عِتْقٍ، فالذي أصابه سَهْمُ الرِّقِّ يرقُّ واللذان أصابَهُما سَهْمَا العِتْقِ، يَعْتِقّ مِن كلِّ واحدٍ منهما نصْفُه، ولا يَسْرِي، ولو أَعتق الانصاف في مَرَضهِ، فمن عتق منه شيءٌ، لا بد وأن يسري إلَى باقية إلَى أَن يتمَّ الثلث، فيقرع بينهم بسهمي رقٍّ، وسهْمِ عتقٍ، فمن خرج له سهمُ العِتْق، عَتَقَ كلُّه، وهو ثلثُ المالِ، ولو لم يَمْلِكْ إِلاَّ عبدَيْنِ قيمتهما سواءٌ، فقال: نصفُ غانِم حرٌّ بعد موتي، وثلثُ سالِم حرٌّ بعد موتي، فقد أعتَقَ خمسة أسداس العبد، وليس له إلاَّ إعْتَاق ثُلُثَيْ عَبدٍ، فيقرع بينهما؛ لردِّ الزيادة، فإن خَرَج سهْمُ العِتْقِ لغانم، عَتَق نصْفُه، وعَتَقَ سدس الآخر، لِيَتِمَّ الثلثُ، وإن خَرَجَ لسالمٍ، عَتَقَ ثلثِه، وعَتَقَ ثلُثُ غانم، وإن أَعتق نصْفِّ واحد منهما في مرضه، أُقْرعَ بينهما، فمن خَرَجَ له سهْمُ العتقِ، عَتَقَ ثلثاه، ورَقَّ باقيه مع جميع الآخر، وهذا كلُّه مفروضٌ فيما إِذا أعْتَقَ الأَبعاضَ في المَرَض معاً؛ بأن قال: أثلاثُ هؤلاء أحرار، ونصف كلِّ واحدٍ منهما حرٌّ، فأما إِذَا قدّم وأَخَّر، فيقدَّم الأسبق، فالأسبقُ، حتى لو قال: نصف غانم حِرٌّ وثلثُ سَالمٍ حرٌّ، يعتق من غانم ثلثاه ولا قُرْعَة.

قَالَ الغَزَاليِ: وَإِنْ أَعْتَقَ الجَارَيةَ دُونَ الحَمْلِ فَفِي السِّرَايَةِ اِلَى الحَمْلِ بَعْدَ المَوْتِ وَجْهَانِ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنَ الأَصْلِ كَعُضْو مُعَيَّنٍ لاَ يَقِفُ العِتْقُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَثْنَى الجَنِينَ صَرِيحاً عَنِ الحُرِّيَةِ فَفِي صِحَّةِ الاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الرابع: لو أعتق جاريتَهُ بعد الموت، وهي حاملٌ، ففي الحملِ وجهَان:

أحدهما: لا يعتق؛ لما مرَّ أَنَّ أعتق الميِّت لا يسري.

وأصحهما: أنه يعتَقُ لأنَّ الجنينَ كعُضْوٍ من الأمِّ، والعتقُ لا يثبت في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>