ثلاثةُ بنين، وأصَى برُبعِ مالِهِ لرجلٍ وبنصف سدسه لآخَر: مسألةُ الورثةِ من ثلاثةٍ ومخرَجُ الوصيتين: اثنا عشرَ، ومجموعُ الجزئَيْنِ أربعةٌ، إذا أخْرَجْنَاها، يَبْقَى ثمانيةُ، لا تصحُّ عَلَى ثلاثةٍ.
فعَلى الطريق الأوَّلِ نقول: لا موافَقَةَ، فنضربُ ثلاثةً في اثْنَيْ عَشَرَ تبلُغُ ستَّةً وثَلاَثِينَ، منْها تصحُّ القِسْمَةُ.
وعلَى الثَّانِي نقول: ما خَرَجَ بالوصِيَّتَيْنِ نصفُ البَاقِي من مخرجهما فنزيدُ على مسألةِ الوَرَثَةِ نِصْفَهَا، يبلغُ أربعةً ونصفاً، نبسطُها أيضاً أنْصَافًا، فتكونُ تسعةً، لكن نصيب المُوصَى لَهُمَا من مخرجِ الوصيَّتَيْنِ أربعة، والَّذي يصيبُهُما من التِّسْعَةِ ثلاثةٌ، وثلاثةٌ لا يَنْقَسِمُ عَلَى أربعةٍ ولا موافقةَ، تُضْرَبُ الأربعَة في تسعةٍ، تبلغُ سِتَّةَ وثَلاَثِينَ، ولَو كَانَ البنونَ ستةً، والوِصيَّتَانِ بحالِهِمَا؛ فعلَى الطَّرِيقِ الأوَّلِ نقولُ: البَاقِي، وهُو ثمانيةٌ لا يصحُّ عَلَى ستةٍ، ولكنْ يتوافَقَانِ بالنِّصفِ، فَنَضرِبُ نصفَ السِّتَةِ في اثْنَيْ عشَر، تبلغُ ستةً وثَلاثينَ، والطريقُ الثَّاني كَمَا سَبَقَ.
القسمُ الثانِي: إِذا أوْصَى بأكْثَرَ منَ الثُّلُثِ فيُنْظَرُ: إِنْ كانَتِ الوصيةُ لِشَخْصٍ واحدٍ أو لجماعةٍ يشترِكُونَ فيه: إِمَّا بجزءٍ؛ كالنِّصفِ، أوْ بجزئَيْنِ؛ كالنِّصفِ والرُّبع، فمدارُ المسألة كما سبق فيِ إِجازةِ الوَرَثَةِ وردِّهم، وقدْ سبقَ بيانُ الحُكْمِ والحساب، وَإنْ أوْصَى لواحدٍ بجزءٍ، ولآخَرَ بجزءٍ، فهَا هُنَا يزدادُ النَّظَرُ في الحسابِ، فإنْ أجاَزَ الورثةُ، دُفِعَ إلَى كلِّ واحدٍ منهم ما سُمِّيَ له، وقُسِّمَ البَاقِي بينَ الوَرَثَةِ، وطريقُ القِسْمَةِ ما مرَّ فِي القِسْمِ الأَوَّلِ وإنْ رَدُّوا ما زادَ علَى الثُّلُثِ، قُسّمَ الثُّلُثُ بينَهُم عَلَى قدر نسبة أنصبائِهِمْ بتقدِير الإجازَةِ، ولا فَرقَ بينَ أن يزيدَ على أحدِ الجُزْئَيْنِ وحده علَى الثُّلُثِ كالنِّصْفِ والثُّلُث، أو لاَ يزيدَ واحدٌ منْهما؛ كالثُّلُثِ والربع.
وقالَ أبو حنيفةَ -رحمه الله-: إنْ لَمْ يكن في الأجْزَاءِ ما يزيدُ علَى الثُّلُثِ يُقَسَّمُ هكَذا على التَّفَاوُتِ، وإنْ كانَ فيها ما يزيدُ عَلَى وحده على الثُّلُث، فلا نعتبرُ الزيادَةَ في القِسْمَةِ عنْدَ الرَّدِّ، حتَّى لو أوصَى لواحدٍ بالنِّصْفِ، ولآخَرَ بالثُّلُثِ، وردَّ الورثةُ، قُسِّم الثلثُ بينهمَا بالسَّويَّة.
لنا: أنَّه أوْصَى بجزئَيْنِ مختلفَيْنِ لشخصين، فإذَا ارتدَّتِ القسمةُ إلى الثُّلُثِ، رُوعِيَ تفاوتُ الجزَئْينِ، كَما لو أوْصَى بجزئَيْنِ لا يرتد واحدٌ منهما على الثُّلثُ.