الوصِيَّتَيْنِ، فمسألَةُ الورثة من ستَّةٍ، ومخرجُ الوصيَّةِ من ستةٍ أيضاً، والبَاقِي بعدَ إخراج جُزْءَي الوصيَّةِ لا ينقسِمُ عَلَى ستةٍ، فسبيلُ القِسْمَةِ على الطَّرِيقِ الأوَّل: أنْ تُضْرَبَ الستَّةُ في مخرجِ الوصيَّتَيْنِ، تصيرُ ستةً وثلاثينَ.
وعلى الثَّانِي أنْ نقولَ: جزءُ الوصيَّةِ خمسةُ أَمثالِ البَاقِي من مخرَجهَا، فيزادُ على مسألةِ الورثةِ خمسةُ أَمثالِها، تبلغ ستةً وثَلاَثِينَ، فمنها تصحُّ القِسْمةُ، وإِنْ رَدُّوا الوصيَّتَيْنِ إِلى الثُّلُثِ، قَسَّمْنَا الثُّلُثَ بينُهمْ على خمسةٍ؛ لأَنَّ نَصِيبَهُمَا بتقديرِ الإِجَازَةِ خمسةُ أَسهمٍ من ستةٍ، ولَك طريقَانِ:
أَحَدُهُما: أَن تَنْظُرَ إلى ما زادَ من جُمْلةِ الوَصايا علَى الثُّلثِ، وَتَنْقُصَ بتلكَ النِّسْبَةِ عن نصيب كلِّ واحدٍ من المُوصَى لَهُمْ، ونسبةِ ما زادَ في هَذِه الصورةِ ثلاثةُ أَخْماسِ لأَنَّ مجموعَ اَلوصيَّتَيْنِ بخمسةِ من ستةٍ، لكنَّ مخرجَ الوصيَّتَيْنِ لاَ خُمْسَ لَه، ونصيبُ كلِّ واحدٍ منهما لا خُمْسَ له، فنضربُ مخرجَ الخُمُسِ في ستةٍ، يكونُ ثَلاَثِينَ، منها خمسةَ عشرَ للموصَى له بالنِّصفِ، وعشرةٌ للمُوصَى له بالثُّلثِ، فينقصُ كلُّ واحدٍ من النَّصِيبَيْنِ ثلاثةُ أَخماسِهِ، يبْقَى للأوَّل سُتَّةٌ، وللثَّانِي أربعةٌ، والبَاقِي عشرونَ للوَرَثَةِ، وهَذِه الأنصباء مُتوافقةٌ بالنِّصفِ، فتردها إلى أنصافِها، وتُقَسَّمُ من خمسةَ عشرَ.
والثَّانِي: أنَّا إذا كنَّا نقسمُ الثُّلثَ بينهما أَخْمَاساً، فالستَّةُ الَّتي هِيَ مخرجُ الوصيَّتَيْنِ، لا تنقسم ثلُثُها أَخماسًا فنطلب مالاً لثلثه خمس فنَضرِب مخرجَ الثلثِ في مَخْرَجِ الخُمُس، يكونُ خَمْسَةَ عَشرَ، يُدفَعُ ثُلثُهَا إِليهِمَا: ثلاثةً إِلى المُوصَى له بالنِّصفِ، واثنينِ إلى الآخرِ؛ تَبقَى عَشَرَةُ للورثةِ، ومسأَلتُهُم من ستَّةٍ، وعَشَرةٌ لا تصح على ستةٍ، لكنْ يتوافقانِ بالنِّصفِ، فنضرب نصفَ الستَّةِ، فمَا صحَّتْ منه الوصيَّتانِ، وهو خمسةَ عشر، يكون خمسةً وأربعينَ، منْها تصحُّ القِسْمَةُ، هَذا إذا لَمْ تستغرِق الوصيَّةُ المَالَ، بلْ بَقِيَ منه شيءٌ، فإِنِ استغرقتْ، وأَجازَ الورثةُ قَسْمَ الماَلِ بين أَربابِ الوَصَايَا، وإنْ ردُّوا قُسِّمَ الثُّلُثِ بينَهُم على نسبةِ أنْصِبَائِهم بتقديرِ الإجَازَةِ، وإِن زادَتِ الَوَصِيَّةُ على المَالِ، كَمَا إِذا أوصَى لواحدٍ بجميعِ مالِهِ، ولاَخَرَ بثُلثِهِ، فَإِنْ أجَازُوا، فقد عَالَتِ المسألَةُ بثُلِثها إِلى أَرْبعةٍ فيقسَّمُ المالُ بينَهُمَا عَلَى أربعةٍ: للمُوصَى له بالجميع ثلاثةٌ، وللآخر واحدٌ، وإنْ رَدُّوا، قُسِّمَ الثلثُ بينَهُمَا على أربعةٍ، وتكونُ قسمةِ الوصَيَّةِ مِن اثنَيْ عَشَرَ، قال أبو حنيفَةَ -رحمه الله-: وإنْ ردُّوا، قُسِّمَ الثلثُ بينهُمَا بالسَّويَّةِ، وإنْ أجَازوا ففيهِ رواياتٌ:
مِنْهَا أَنَّ صاحبَ الجميع ينفردُ بِدَعْوَى الثُّلثينِ، فيسلَّمُ له الثُّلثَانِ، ويتزاحَمَانِ معاً في الثُّلث، فيشترِكَانِ فيهِ، فيكَونُ لصاحِبِ الجميعِ خمسةُ أَسداسٍ، وللآخر سدسٌ.
ومنها: أنَّ الوصِيَّةَ بالثلثِ لازمةٌ فيستويانِ فيه، ثمَّ المُوصَى له بالجميعِ يأخُذُ نصفَ المالِ؛ لأنَّه لا مُنَازعَ فيهِ، يبقَى من المالِ، سدسٌ يتنازَعانِ فيه فيكونُ بينَهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute