قال الرافعي: إذا جاوز الستين فقد دخلت الاسْتِحَاضَة في النفاس، وطريق التمييز بينهما ما تقدم في الحيض، هذا ظاهر المذهب وعليه يبني تقسيم حالها إلى المعتادة والمبتدأة كما ذكر في الكتاب، وفيه وجهان آخران:
أحدهما: أن جميع السّتين نفاس، والزائد عليه استحاضة بخلاف ما في الحيض، لأن الحيض محكوم به ظاهراً لا قطعًا، فجاز أن ينتقل عنه إلى ظاهر آخر والنِّفاس مقطوع به إذ الولادة معلومة والنفاس هو الخارج بعد الولادة، فلا ينتقل عنه إلى غيره إلا بيقين - وهو مجاوزة الأكثر وعلى هذا يجعل الزّائد اسْتِحاضة إلى تمام طهرها المعتاد أو المردود إليه في المبتدأة ثم ما بعده حيض.
والوجه الثاني: أن السّتين نفاس والذي بعده حيض على الاتِّصال به، لأنهما دمان مختلفان فيجوز أن يتعقب كل واحد منهما الآخر، وأطبق الجمهور على ضعف هذين الوجهين، وقالوا: ننظر إن كانت معتادة ذاكرة لعادتها مثل إن كانت تنفس فيما سبق أربعين، ثم ولدت مرة وجاوز دمها السّتين فترد إلى الأربعين، كما ترد في الحَيْضِ إلى عادتها، ثم لها في الحيض حالتان ذكر أولهما في الكتاب دون الثانية.
الأولى: أن تكون معتادة في الحيض أيضاً، فنحكم لها بالطهر بعد الأربعين على قدر عادتها في الطّهر، ثم تحيض قدر عادتها في الحيض.
والثانية: أن تكون مبتدأة في الحَيْض فنجعل القدر الذي إليه ترد المبتدأة في الطّهر استحاضة، والذي ترد إليه في الحيض حيضًا، والخلاف المذكور فيما تثبت به العادة وفي أنه إذا اجتمعت العادة والتَّمييز أيهما يقدم يجري هاهنا كما في الحيض، ولو ولدت المرأة مراراً، وهي ذات جفاف، ثم ولدت مرة ونفست واستحيضت، فلا نقول عدم النّفاس عادة لها، وإنما هي مبتدأة في النفاس كالتي لم تلد أصلاً، وسنذكر حكم المبتدأة، وشبه صاحب الكتاب هذه المسألة بمسألة في الحَيْض، وهي أن المعتادة في الحيض لو كانت تحيض خمسة وتطهر سنة أو سنتين، واستمر بها ذلك - ثم إنها