للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: إذا كان نصيبه أقلَّ مما عليه، فَيُقَامُ سهام الفريضة، فيطرحُ منْها نصيبُ المديون، وتقسم العَيْن على الباقي، فما خرج من القسمة يضرب في نصيب المَدْيُون، الذي طُرحَ فما بلغ، فهو الذي حَيّ من الدَّين، والمراد من هذه اللفظة أن ما يقع في مقابلة العين من الدَّين، كالمستوفي في المقاصة؛ فكأنه حي من الدَّين فلولا المُقَاصَّة، فالدَّيْن على المفلس ميت فائت، ثم الباقي من الدَّيْن بعد الذي حي يسقط منه شيء، ويبقى شيء، يؤدَّيه المديون إلَى سائر الورثة.

والطريق في معرفة السَّاقط والباقي؛ أن يُقَسَّم جميع التركة بين الورثة، فما أصاب المديون يُطْرَحُ مما عليه من الدَّيْن، فما بَقِيَ هو الذي يؤديه المديون، فيقسمه سائر الورثة عَلَى ما بقي من سهام الفريضَةِ بعد إسقاط نَصِيبِ المديون.

المثالُ: الدَّين في الصورة المذكورة ثمانية، والعين اثنا عشر؛ يُقَسَّمُ سهام الفريضة من أَربعة، ويُطرح منها نصيبُ المديون، ويُقَسَّم العين على الباقي؛ يخرج من القسمة أربعة، نضربها في نصيب المديون هو واحدٌ، يكون أربعة، فكذلك هو الذي حَي من الدَّين؛ يبقَى منه أربعة، تأخذ نصيب المديون من التركة، وهو خمسة، فنَطْرَحْها مما عليه يبقَى ثلاثة، فالثلاثة هي التي تبقَى من الدَّين، ويسقط واحدٌ, وتلك الثلاثة مقسومة بينهم على السهام مما يصح منه المسألة، وهي ثلاثة، وهذا إذا لم تكن وصية، فإنْ كانت؛ كما لو خلَّف ابنين، وترك عَشَرة عيناً، وعشرة دينًا، عَلَى أحدهما، وأوصَى بثلث ماله لرجُلٍ، ففيه وجهان:

أحدهما: وينسب إلى ابن سريج: أنا ننظر إلى الفريضةَ الجامِعَةِ للوَصيَّة والمِيراثَ، وهي ثلاثة، للموصَى له سهم، ولكلِّ ابنِ سهمٌ، فيأخذ المديون سهمَهُ، مما عليه، ويُقَسِّم الابن الآخر، والموصى له العَيْن نَصْفَيْن، وقد حَيّ من الدَّيْن خمسة، يبقَى خمسة، للمديون ثلاثة، يبقَى ثلاثة، وثلث، إذا أداها اقتسمها الابْن الآخر، والموصَى له نصْفَيْن؛ ووجهه أن الإرثَ والوصية ثابتان على الشيوع، فلكلِّ واحد من الابنين والموصَى له ثلُثُ الدَّين، وثلُثُ العَيْن، فيبرأ المديون عن ثلث الدَّين، ويجعل نصيبه من العين قصاصاً بثلث الدَّين، فما يستحقانه على ما بينا كيفيةَ المُقَاصَّة يَبْقَى ثُلُثُ الدَّيْن لهما عليه بالسَّويَّة.

والثاني: وينسب إلَى أبي ثَوْرٍ: أَن الموصَى له يأخذ ثلث العين، والابْنُ الذي لا دَيْنَ علَيْهِ، يَأخُذُ ثلثها إِرْثاً، والثلث قصاصاً، فيبرأ المدْيُون عن ثلثَي الدَّين بالإِرث، والمُقَاصَّة؛ يبقى عليه ثلث الدَّين، يأخذه الموصَى له، ومَالَ الأستاذُ إلى هذا الوجه، ووجهه بأنه لو كان الدَّيْن عَلَى أجنبيٍّ، لم يكن للموصَى له من العين إلاَّ الثلث، فكذلك، إذا كان عَلَى أحد الابنين، لكنَّ الجمهورَ أجابُوا بالأوَّل، وبه

<<  <  ج: ص:  >  >>