يجوز نصب الوصيِّ في حياة الجَدِّ؛ فإنَّ الجد بدله شرعاً، فليس له نقل الولاية عنه؛ كولاية التزويج.
وقال أبو حنيفةَ: يجوز، وبه قال بَعْضُ أصحابنا: لأنه أوْلَى من الجَدِّ, فكذلك نائبه، وهذا في أمر الأَطفال، فأمَّا قضاءُ الديون، وتنفيذ الوصايا، فله نصب الوصي، ويكون الوصيَّ أولَى من الجد، ولو لم ينصب وصيّاً، فأبوه أولَى بقضاء الدين، وأمر الأَطفال، والحاكم أولَى بتنفيذ الوصايا، وكذلك حكاه "صاحب التهذيب" وغيره.
المسألة الثالثة: ليس للأخِ والعمِّ، وغير الأب والجد الوصايةُ في أمر أطفال الورثةِ؛ لأنهم لا يلون أمرهم، فكيف ينيبون فيه، وهل للأمِّ الوصاية ينبني على أنَّها، هلْ تلي، فعَلَى قول الإصطخريِّ لها الوصايَةُ.
وأمَّا لفظُ الكتاب، فقوله:"وهو كلُّ مَنْ له ولايةٌ على الأطفال شَرْعاً" المراد منه اعتبار هذا الشرْطِ في الوصاية في أمر الأطفال، لا في مطلق الوصاية؛ كما سبق، ثم الحكْمُ غيرُ مَنُوطٍ بخصوص الطفوليَّة، بل الولدُ المجنونُ كالصغير في أنَّه يجوزُ الوصاية في أمره والمُعْتَبَر أن يكونَ له ولايةٌ على الذي يوصي في حقِّه، وقوله من بعد "على الأولاد البالغين" يعني العقلاء ومواضعُ العلاماتِ لا تَخْفَى بعد ما تقدَّم، ومن جملتها قوله:"على أصحِّ القولَيْن" للطريقة النافية للخِلاَفِ.
قَالَ الرافِعِيُّ: قوله في ضبطِ الموصَى فيه: "وهو التصرفات المالية المباحة" يدخل فيه الوصاية بقَضَاء الديون، وتنفيذ الوصايا، وأمور الأطفال، وفيه تعرُّض لقَيْدَيْنِ:
أحدُهما: كونُ التصرُّف ماليّاً، فلا تجوزُ الوصاية في تزويج الأطفال؛ خلافاً لمالكٍ وأحمد -رحمهما الله- لأنَّ الوصيَّ لا يتغير بدخول الدنيء في نسبهم، فالغِبْطةُ والاحتياطُ تفويضُهُ إلَى من يتعيَّن أو إلَى من يختصُّ بقوة النظر والاجتهاد، وهو السلطَانُ، وأيضاً: فإنَّهم، إنْ كانوا بالغين لم تجز الوصاية في حقهم، وإنْ كانوا صغاراً، فغير الأبِ والجدِّ لا يزوِّج الصغير والصِّغِيرة.
والثاني: كونه مباحاً، فلو أوصَى إلى رجل في بناءِ بيعة أو في كتابة التوراة، فهذا في الحقيقة وصيةٌ ووصاية، وهما باطلتان، وذكر طائفةٌ، منهم الإمام: أن الوصاية لا تَجْرِي في رد الغصوب والودائع، ولا في الوصية بعين لمعين؛ لأنَّها مستحقة بأعيانها، فيأخذها أصحابها، وإنَّما يوصي فيما يحتاج إلَى نظرٍ، واجتهاد كالوصية للفقراء، وهذا