للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكلِّ واحدٍ منهما التصرُّف فيما في يده، وفي يد صاحبه، أَما إِذا لم يكونا مستقلَّيْنِ، فلا ينفرد واحدٌ منهما بحفظ شيء، وقال أكثرهم يُقَسَّمُ، سواءٌ كانا مستقلَّيْنِ، أم لا؛ لأَنَّه إذا كان المالُ في يدهما، كان النصفُ في يدِ كلِّ واحدٍ منْهما، فجاز أنْ يعين ذلك النصف، فحَصَل في القسْمة، إذا لم يكونا مستقلَّيْن وجّهان، ثم إذا قسم، وتَنَازَعَا في عين النصْفِ المحْفُوظ، فوجهان، في أنَّه يقرع بينهما، أو يُعَيِّن القاضي الأوَّلَ منهما، وهو الذي أورده الحنَّاطِيُّ -رحمه الله-: هذا إذا كان المالُ المتنازعُ فيه ممَّا ينقسم [أما إذا لم ينقسم] (١) فيحفظانه معاً إِمَّا أنَّ يجعلاه في بيتٍ، ويقفلا عليه، أو بأنْ يرضَيَا بثالث يحْفَظُه من جهتهما، وإلاَّ تولى القاضي حفْظَه، وهكذا الحكْمُ، إذا كان مما ينقسم، وقلنا: إنَّه لا ينقسم عند عدم الاستقلال، ثم ذكرَ صاحبُ "التَّهْذِيبُ" أنَّ التفصيلَ المذكورَ فيما إذَا جَعَل إليهما التصرُّف، واختلفا في الحفظ إِلى التصرُّف، فأمَّا إذا جعل الحفظ [إلى اثنين، لم ينفرد أحدهما بحال، وقوله في الكتاب: "ومهما اختلف الوصيَّان" ظاهر اللفظ يقتضي التصوير في المستقلَّيْن، لكنه ذَكَرَ عند الاختلاف في الحفظ] (٢) وجهين؛ في أنَّ القاضي يتولاه، ويقسّم، وليس عن الأصحاب هذا الخلاَفُ، إلاَّ في صورةَ عَدَم الاستقلال، فليحمل الوصيان (٣) على الموصَى إليهما، وقوله: "مهما تنازعا في الحفظ" أشار به إلَى أنَّ وجّهَ القسمةِ مخصوصٌ بالاختلاف في الحفظُ ولا مجالَ له، وفيما إذا اختلفا في تعيين الفقير وعلى ما حكينا [هـ]، عن الشيخِ أبي حامد أنَّه يُقَسَّمُ هناك أيْضاً، هذا تمام النَّظَر في الأَركان، والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَما أَحْكامُ الوِصَايَةِ فَإِنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ، وَلِلوَصَيِّ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ (ح) مَهْمَا شَاءَ، وَلَهُ أنْ يَقْضِيَ دُيُونَ الصَّبيِّ، وَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ لَهُ أنْ يُزَوَّجَ الأَطْفَالَ، وَلَهُ تَزْوِيجُ إِمَائِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ عَلَى الأَظْهَرِ، وَلَيْسَ لَهُ أنَّ يَتَوَلَّى طَرَفَي العَقْدِ، وَأَنْ يَبِيعَ من نَفْسِهِ بِخِلاَفِ الأَبِ، وَلَيْسَ لَهُ أنْ يَشْهَدَ لِلْأَطْفَالِ بِمَالٍ، إِذْ يَسْتَفِيدُ بِهَا وَلاَيَةَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيّاً إلاَّ في الثُّلُثِ اسْتَفَادَ اتِّسَاعَ التَّصَرُّفَ اتِّسَاعَ الثُّلُثِ، وَمَهْمَا نَازَعَهُ الصَّبِيُّ في قَدْرِ النَّفَقَةِ وَنَسَبَهُ إِلَى الزيَادَةِ فِيهَا أَوْ نَسَبَهُ إِلَى الخِيَانَةِ في بَيْعٍ فَالقَوْلُ قَوْلُ الوَصِيِّ فَإنَّهُ أَمِينٌ وَالأَصْلُ عَدَمُ الخِيَانَةِ، وَإِنْ نَازَعَهُ في تَارِيخِ مَوْتِ الأَبِ أَوْ تَكْثِيرِ النَّفَقَةِ أَوْ فِي دَفْعِ المَالِ إِلَيْهِ بَعْدَ البُلُوغِ فَالقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ، إِذ الأَصْلُ عَدَمُ الرَّدِّ وَالمَوْتُ وَإِقَامَةُ البَيِّنَةِ عَلَيْهِما مُمْكِنٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: منْ أحْكَامِ الوصايةِ الجوازُ، فللموصِي الرجُوعُ مَتى شاء، وللوصيِّ


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: الوصيتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>