للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالَى وإِلَى رسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: ٧] كان رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ينفق منه على نفسه وأهله ومصالِحِهِ (١)، فما فَضَلَ، جعَلَه في السِّلاَح عدَّة في سبيل الله، وفي سائر المصالِحِ، والإِضافة إِلى الله تعالَى، قيل: إِنَّه عَلَى سبيلِ التبرُّك والابتداء باسْمِه تبارَكَ وتعالى، وقيل: إِنها إشارةٌ إلى أنَّ مصارفه مصارفُ القرب أَو إِلَى قطعه عما كانَتِ الملوكُ تعتَادُهُ قبل المبعث من الاستبْدَادِ بالخُمْس ونحوه أو إلَى أَن سبيلَهُ سبيلُ المصالحِ، ولم يكنْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يملكُهُ، ولا ينتقِلُ منه إلى غيره إِرْثَاً، بل


= من وجه آخر من طريق عبد الملك بن عمير عن الزهري بالسند المذكور، ولفظه لفظ الباب، ويستدل له أيضاً بما رواه النسائي في مسند حديث مالك عن قتيبة عنه عن الزهري عن عروة، عن عائشة أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لما توفي أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر فيسألنه ميراثهن من رسول الله، فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا يروث نبي ما تركنا صدقة"، لكن رواه في الفرائض من السنن الكبرى عن قتيبة بهذا الإسناد بلفظ: لا نورث ما تركنا صدقة، ليس فيه نبي، فالله أعلم، وكذا هو في الصحيحين، ورواه أحمد من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة، أن فاطمة قالت لأبي بكر: ما لنا لا نرث النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: سمعته يقول: إن النبي لا يورث، وفي الصحيحين مثل حديث أبي بكر عن عمر أنه قال لعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد وعلي والعباس: أنشدكم بالله -نذكره- وفيه: أنهم قالوا نعم، زاد النسائي: فيهم طلحة، وعندهما عن أبي هريرة: لا يقتسم ورثتي ديناراً ولا درهماً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي، فهو صدقة، وأخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة"، وذكر الدارقطني في العلل حديث الكلبي عن أبي صالح عن أم هانئ عن فاطمة: أنها دخلت على أبي بكر فقالت: لو مت من كان يرثك؟ قال: ولدي وأهلي، قالت: فما لنا لا نرث النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: سمعته يقول: إن الأنبياء لا يورثون، ما تركوه فهو صدقة، وفي الباب عن حذيفة أخرجه أبو موسى في كتاب له اسمه براءة الصديق، من طريق فضيل بن سليمان عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عنه، وهذا إسناد حسن.
(تنبيه) نقل القرطبي وغيره اتفاق النقلة على أن قوله صدقة بالرفع على أنه الخبر، وحكى ابن مالك في توضيحه جواز النصب على أنها حال سدت مسد الخبر واستبعده غيره.
(١) أخرجه البخاري باختصار سياق، ورواه الشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي، قال البرقاني: وهو على شرط مسلم. قوله ويروى أنه قال: لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام، ذكره الشَّافعي في روايته وهو في السنن أيضاً. قوله كان عثمان من بني عبد شمس، وجبير من بني نوفل، فأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بما ذكره إلى شأن الصحيفة القاطعة التي كتبتها قريش على أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يبايعوهم ولا يناكحوهم، وبقوا على ذلك سنة، ولم يدخل في بيعتهم بنو المطلب: بل خرجوا مع بني هاشم في بعض الشعاب، هذا مشهور في السير والمغازي، ورواه البيهقي في الدلائل والسنن.
(تنبيه) المشهور في الرواية في قوله: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، بالشين المعجمة، قال الخطابي: وكان يحيى بن معين يرويه واحد بالسين المهملة وتشديد الياء، قال: وهو أجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>