للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبذلونَهُ؛ ليصالحهم، ولا يستعمل بقتالهم، فهذا قد طَرَدُوا فيه الخلافَ، ولم يلحقوه بما تَرَكَهُ الكفار؛ خوفاً، وإِنْ كان المرادُ: ما يبذلونَهُ بعد إِيجافِ الخَيْل والركابِ، وقريباً منهم ليتصرَّف، ففي "حِلْيَةِ" القاضي الرويانيِّ ما ينازع في عَدِّهِ من الفَيْءِ؛ لأَنه قال: إِذا صالَحُونا على مالٍ عنْد القتال، فهو غَنِيمَةٌ (١).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَخُمْسُ هَدَا المَالِ مَقْسُومٌ بِخَمْسَةِ (ح) أَسْهُمِ بِحُكْمِ نَصِّ الكِتَابِ السَّهْمُ الأَوَّلُ المُضَافُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَرَسُولهِ -صلى الله عليه وسلم- مَصْرُوفٌ إلَى مَصَالِحِ المُسْلِمِينَ (و) إِذْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَيَاتِهِ وَالأَنْبِيَاءُ لاَ يُورَثُونَ، وَمَصَالِحُ المُسْلِمِينَ سَدُّ الثُّغُورِ وَعِمَارَةُ القَنَاطِرِ وَأَرْزَاقُ القُضَاةِ وَأَمْثَالُهُ.

قَالَ الرَّافِعِىٌّ: مَالُ الفَيْءِ يقسَّم عَلَى خمسةِ أَسْهُمٍ متساوية ثم يؤْخَذ منْهَا سهْمٌ، فيقسَّم خمسةِ أَسهُم متساويةٍ فأربعة يأتي بيان مصرفها، فتكون القسْمة من خمسةٍ وعشرينَ سهماً، هكَذا كان يقسِّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٢): أَحدُها السَّهْم المضافُ إِلى الله


(١) في ب: نفسه وأهله ومصالحه.
(٢) وقوله: كانت أربعة أخماس الفيء لرسول -صلى الله عليه وسلم- مضمومة إلى خمس الخمس، فجملة ما كان له أحد وعشرون سهماً من خمسة وعشرين سهماً، وكان يصرف الاخماس الأربعة إلى المصالح، ثم قال في موضع آخر: وكان ينفق من سهمه على نفسه وأهله ومصالحه، وما فضل جعله في السلاح عدة في سبيل الله وفي سائر المصالح، ثم قال بعد أن قرر أن سهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هو خمس الخمس، وأن هذا السهم كان له يعزل منه نفقة أهله إلى آخره، قال: ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يملكه ولا ينتقل منه إلى غيره إرثاً، بل ما يملكه الأنبياء لا يورث عنهم. كما اشتهر في الخبر، أما مصرف أربعة أخماس الفيء فبوب عليه البيهقي واستنبطه من حديث مالك بن أوس عن عمر، وورد ما يخالفه، ففي الأوسط للطبراني وتفسير ابن مردويه من حديث ابن عباس: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث سرية قسموا خمس الغنيمة، فضرب ذلك الخمس في خمسة، ثم قرأ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية فجعل سهم الله وسهم رسوله واحداً، وسهم ذي القربى بينهم هو والذي قبله في الخيل والسلاح، وجعل سهم اليتامى، وسهم المساكين، وسهم ابن السبيل لا يعطيه غيرهم، جعل الأربعة أسهم الباقية للفرس سهمان، ولراكبه سهم، وللراجل سهم، وروى أبو عبيد في الأموال نحوه، وأما نفقته من سهمه على الوجه المشروح فمتفق عليه من حديث ابن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عله بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، فكان ينفقه على نفسه وأهله نفقة سنة، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله، وأما قوله أنه كان يصرفه في مائر المصالح فهو بين في حديث عمر الطويل، وأما كونه كان لا يملكه فلا أعرف من صرح به في الرواية، وكأنه استنبط من كونه لا يورث عنه، وأما حديث: إن الأنبياء لا يورثون، فمتفق عليه من حديث أبي بكر أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نورث ما تركنا صدقة" وللنسائي في أوائل الفرائض من السنن الكبرى: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة، بإسناده على شرط مسلم، ورواه الطبراني في الأوسط =

<<  <  ج: ص:  >  >>