للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشور تجاراتهم المشروطة عليهم، إِذا دخلوا دار الإِسْلاَم، ومال من مات أَو قتل على الردَّة، ومال من مات من أَهلِ الذمَّة عنْدَنا، ولا وارث له، فكلُّ ذلك مخمَّسٌ عَلَى ما سنفصله، هذا ما عليه قَرَارُ المذهب.

وحُكِيَ عن القديم أَن مَالَ المُرتدِّ لا يخمَّسُ، فمنهم من خَصَّص هذا القَوْلَ المرتَدِّ، وقطعَ بتَخميس سائر الأَنواع المذكورةِ؛ فرقاً بأنَّ المرتدَّ يستصحب فيه حكْم الإِسْلام، كما يؤمَّر بقضاء الصلوات وتلزمه الحدودُ. ومال المسلم، إِذِا ماتَ، ولا وارث له، لا يخمَّس، ومنْهم مَنْ قال: ما تركُوهُ؛ خَوْفاً من المسلمينَ يُخمَّسُ، قطعاً وفيما عَدَاه يَطَّرِدُ القولُ القديم فيه، ومنهم من أَطلق في مال الفَيْء قولين: الجَدِيد: أَنهُ يخمَّس؛ كالغنيمة، والقديمُ: المنعُ؛ لأَنه لم يقاتل عليه، كما لو صُولِحُوا على الضيافة، لاَ حَقَّ لأَهْلِ الخمس في مال الضيافة، بل يختصُّ به الطارِقُون نقل الطريقة هكذا صاحبُ "التهذيب" قال: وحيثُ قلنا: لا يخمَّس، فحُكم جميعِ المالِ حكْمُ الأَخماسِ الأَربعةِ عَلَى قوْلِنَا بالتخمِيسِ، وفيه خلافٌ سيأَتي، واحتج لظاهر المذهب بأنَّ آية الفَيْءِ نزلَتْ في بني النَّضِير، وقد روي أَن النبىَّ -صلى الله عليه وسلم- صالَحَهُمْ عَلَى أَن يتركوا الدُّور والأراضِيَ، وتحملوا كلَّ صفراءَ وبيضاءَ، وما يحمله الركاب.

وأَيضاً: فإنه مال مأَخوذٌ من الكفار، فيخمَّس؛ كالغنيمة.

وقوله في الكتاب: "فهو مخمَّس" يجوز إعلامه بالواو للطريقة المرويَّة في "التَّهذيب".

وقوله: "وكذا ما أخذ بغَيْر تخويفٍ؛ كالجزية" قد يخطر فيه أولاً أن الجزية أيضاً مأخوذةٌ بتخويف، قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (١) إلى أن قال: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] ولو لم يخافُوا، لم يؤدُّوا، وهذا صحيحٌ، ولكَنَّ المرادَ منْه التخويفُ الناجز في الحال، والجزية لا تؤْخَذُ بتخويفٍ حالٍّ، بل يعقد لها استفادة للعصْمَة دائماً، ثم يؤدي المال شيئاً فشيئاً، كدَيْن منجم.

ثم أعْلمْ قوله: "وكذا" بالواو في كثير من النسخ جَرْياً على الطَّريقة المخصِّصة للخِلاَف بما أخذ من غير تخويف القاطعة بالتَّخْميس فيما تركَوهُ؛ خوفاً، وهِيَ التي أوردَهَا الأكثرون ولفظ صاحب الكتاب في "الوَسِيط" يشْعُر يكون المَبذُول ليَكفَّ عن قتالهم فيئاً مخمَّساً بلا خلافٍ، لكن المبذول ليكفَّ عن قتالهم، إِن كان المرادُ منه ما


(١) قال الشيخ البلقيني: ما نقله عن الروياني متعقب فإن بلاد الصُّلْح المفتوحة صلحًا عند القتال لا تكون غنيمة فكذلك المال المصالح عليه عند القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>