ذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة إلى أنه لا يسهم للمرأة، والصبي، والعبد، بل يرضخ لهم، وذهب الإمام مالك في المشهور عنه إلى أن الذين لا يسهم لهم لا يرضخ لهم أيضاً، وله في الصبي إن أجيز وقاتل خلاف: وحكى الشوكاني عن الأوزاعي أنه يسهم للمرأة، والصيي وهذا هو مشهور المذاهب. استدل الجمهور بما رواه أحمد، ومسلم عن عبد الله بن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يَغْزُوْ بِالنِّسَاءِ فيَداوِيْنَ الجَرْحَى وَيُحْذين مِنَ الغنيمة، "وأما بسهم فلم يضرب لَهُنَّ" وعنه: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "نُعْطَي الْمَرأْة وَالمَمْلُوكَ مِنَ الْغَنَائِم. دُوْنَ مَا يُصِيْبُ الجَيْشُ" رواه أحمد -وعنه أيضأ "أنَّهُ كَتَبَ إلى نَجْدَةَ الحروري سَأْلْتُ عَنِ الْمَرْأةِ وَالعَبْدِ هَلْ كَانَ لَهُمَا سَهْمٌ مَعْلُوْمٌ إِذَا حَضَرا الْتِبَاسُ، وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا سَهْمٌ مَعْلُومٌ إِلاَّ أَن يُحْذَيَا مِنْ غَنَانِمِ الْصَوْمِ" رواه أحمد، ومسلم. وليس للإمام مالك على منع الرضخ دليل معروف. قال الشوكاني والظاهر أنه لا يُسْهِمُ لِلنِّسَاءِ، والصبيان، والعبيد، والذميين وما ورد من الأحاديث مما فيه إِشعار بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسهم لاحد من هؤلاء فينبغي حمله على الرضخ، وهو العطية القيلة. جمعاً بين الأحاديث، وقد صرح ابن عباس بذلك. وكذلك صرح حديث عمير مولى آبي اللحم فإنه فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَضَخَ لَهُ بشَيءٍ مِنَ الأَنَاث وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ. وبذلك يتعين حمل ما جاء في مرسل الأوزاعي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسْهَمَّ لِلصِّبيَانِ بِخَيْبَرَ، رواه الترمذي وما في مرسل الزهري أنه -صلى الله عليه وسلم- أَسْهَمَ لِقوْم مِن اليَهُودِ قَاتَلُوا مَعْهُ" رواه الترمذي، وأبو داود في الوسيلة وما عن حَشْرَجَ أنه -صلى الله عليه وسلم- أَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ رواه أحمد وأبو داود -ويحمل ذلك كله على مجرد العطية جمعاً بين الأحاديث. اختلف الفقهاء في مأخذ الرضخ فذهب الحنفية والشافعي في قول له وأحمد في رواية عنه إلى أنه من أصل الغنيمة، والحجة في ذلك أنه من أعوان المجاهدين فجعل حقه في أصل الغنيمة كالنقال والحافظ وذهب الشَّافعي في أظهر الأقوال عنده، وأحمد في رواية عنه إلى أنه من الأخماس الأربعة، والحجة في ذلك أنه من المجاهدين فحقه في الأخماس الأربعة. وذهب الشَّافعي في قول ثالث له إلى أنه من خمس الخمس المرصد للمصالح. وذهب الأمام مالك إلى أنه من الخمس كله والحجة في ذلك أنه من أهل المصالح فحقه في سهمها. والراجح المذهب الأول؛ لأنه لم يصل إلى درجة المجاهدين حتى يعتبر منهم، ولأن عمله أشق من عمل أرباب المصالح فلا يصح اعتباره منهم. (١) أخرجه مسلم وأبو داود من حديثه مطولاً وفيه: ويحذين من الغنيمة، وفي رواية لأبي داود: قد كان يرضخ لهن، ويعارضه حديث حشرج بن زياد عن جدته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسهم لهن كما أسهم للرجال، أخرجه أبو داود والنسائي في حديث، وحشرج مجهول، وروى أبو داود في المراسيل من طريق مكحول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أسهم للنساء والصبيان والخيل، وهذا مرسل.