للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحهما: انتقال حقِّه إلَى ورثته أيضاً، ويجري الوجهانِ فيما إذا مات فرسُهُ في هذه الحالة هلْ يستحقُّ سهم الفرس لحُصُولِ الغنائم بحضوره فارساً، وإنْ مات في أثناء القتالِ، فالحكاية عن النصِّ سقوطُ حقه، وفيما إذا مَات فرسه في أثناء القتالِ: أنه يستحِقُّ سهم الفرس، وللأصحابِ فيها طُرُقٌ:

أظهرها: تقريرُ النصَّيْن؛ فرقاً بأنَّ الفارس متبوعٌ، فإذا مات فات الأصل، والفرس تابع؛ فإذا مات، جاز أنْ يبقَى سهمه للمتبوع.

والثاني: أنَّ فيهما جميعاً قولين: وجْه الاستحقاقِ: شهودُ بعْضِ الوقعة، ووجْهُ المَنْع: اعتبارُ آخر القتال؛ فإنَّه وقت الخَطَر؛ والظَّفر.

وعن الشيخ أبي زيد: أنه إنْ حصَلَتْ حيازة المال بنصب قتالٍ جديدٍ، فلا استحقاقَ، لا في موت الفرس، ولا في موت الفارس، وعليه يُحْمَلُ نصه في موت الفارسِ، وِإنْ أفضَى ذلك القتالُ إلى الحِيَازَةِ، ثبت الاستحقاقُ في الصورتَيْنِ، وعليه يحمل لَهُم في صورة الفَرَسِ.

الرابعةُ: إذا شهد الوقْعَةَ صحيحاً، ثمَّ مرضَ نُظِر: إنْ كان مرضاً لا يمتنع معه القتالُ؛ كالحُمَّى الخفيفةِ، والصُّدَاعُ أو كان يرجَى زوالُه، لم يبطُلْ حقُّه، وإنْ كان غير ذلك؛ كالزَّمَانة، والفَالج، والعمَى، فقولان، أو وجهان:

أحدهما: يبطُلُ، لخروجه عن أهليَّةِ القتالِ، كما لو مات.

والثاني: المَنْع؛ لأنه يُنْتَفَعُ برأيه ودُعَائِهِ بِخِلاَفِ الميِّت؛ ولأنه يحتاج إلى العلاج والإياب؛ بخلاف الميت، وفي إبطالِ حقِّه ما يمنعه عن الجهادِ، وهذا أصحُّ عند صاحب "التهذيب" وغيره وإيراد الكتاب يُشْعِرُ بترجيح الأول؛ وهو الذي أورده القاضي ابن كج، ولو جُرحَ في الحَرْب، ففي "التهذيب" يُنَزَّلُ منزلةَ المرضِ، فينظرُ في الجراحةِ، وحصول الأثخان بها، وعدمه، وفي "الشَّامل" وغيره ترتيبُ الجراحةِ على المَرضَ، إنْ قلنا: يستحقُّ المريضُ، فالمجروحُ أولَى، وإلا، ففيه خلافٌ؛ لأنَّ ما أصابه إنَّما أصابه بسبب الحرب، فلا يحسُنُ حرمانُهُ، ثم الأكثرون أطلَقُوا القَوْل في رجاءِ الزوال وعدمه، وحكَى بعض أصحاب الإمام: أنَّ المعتبر رجاءُ الزوال قبل انْجِلاءِ القتال (١)، وإذا لم يستحقَّ المريضُ، فَيَرْضَخُ له، وكذلك ذكره الحَنَّاطِيُّ وآخرون، والمريض بعد إنقضاء القتال؛ وقَبْلَ حيازةِ الغنيمةِ، على الخلافِ الَّذي سَبَقَ في المَوْت.

الخامسة: المُخَذِّلُ للجَيشِ يُمْنَعُ من الخروج مع الناس، والحُضُور في الصفِّ،


(١) قال في الخادم: عجب حكايته عن بعض أصحاب الإمام وهو مصرح به في النهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>