للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعطيَهُ مِنْ سَهْم الغارمينَ، والعاملين، والمكاتِبينَ والغُزَاة، إذا كانوا (١) بهذه الصِّفَات (٢)، وكذا مِنْ سهمُ المُؤَلَّفة إلاَّ أنْ يكون فقيراً؛ فإنَّه حينئذٍ يسقط النفقة عَنْ نَفْسه، ويجوز أنْ يعْطِيَه مِنْ سَهْم أبناء السبيل قَدْرَ مؤنة السَّفَر، دون ما يحتاج إلَيْه سفراً وحَضَراً، فإنَّ هذا القَدْر هو المستحَقُّ عليه، وأما في مسألة الزوْجَةِ، فالوجهان في أنَّ غيْر الزَّوْج، هَلْ يعطيها مِنْ سَهْم الفقراء والمساكين، بجريان في الزوج أيضاً؛ لأنه بالصَّرْف إلَيْها لاَ يَدْفَعِ النفقة عن نَفسِه، بل نفقتها عوضٌ لازمٌ، غنيةً كانت أو فقيرةً، فصار كما لو استأجَرَ فقيراً، يجوز له صَرْفُ الزكاة إليه مع الأجرة، فإنْ منعنا، فلو كانت ناشزةً، ففي "التهذيب" أنه يجوز أنْ يُعْطِيَها؛ لأنَّه لا نفقةَ لها، وجوابُ الشيخ أبي حامد والأكثرين: المنع، لأَنها قادرةٌ عَلَى ترك النُّشُوزْ والعَوْد إلى الطاعة، فأشبهتِ القادِرَ على الاكتساب، ويجوز للزَّوجِ أنْ يعطيَهَا مِنْ سهم المكاتبين والغارمين، قال في "التتمة": "وكذا من سَهْمِ المؤلَّفة".

وفي "تعليق الشيخ أبي حامد" أنَّ المرأة لا تكون مِنَ المؤلَّفة، والأول هو المقْبُولُ، ولا تكون المرأةُ عاملةً، ولا تصلُحُ للجهاد، وأما سهْمُ ابنِ السبيل، فإنْ سافرَتْ مع الزوجِ، لم تُعْطَ منه؛ لأنَّها إنْ سافرت بإذْنِهِ، فهي مكفيَّة المؤنة، وإنْ سافرَتْ بغَيْر إذنه، فالنفقة عليه؛ لأنها معه، هكذا ذكروه، ولا تُعْطَى مؤنة السفر؛ لأنها (٣) عاصيةٌ بالخُرُوج، وإنْ سافرتْ وحْدَها، نُظِرَ: إنْ خرجت بإذْنِهِ، فإنْ أوجبنا نفقتها، فتُعْطَى من سهم ابْنِ السبيل مؤنةَ السَّفَر، وإن لم نوجِبْها، فتعْطَى جميعَ كَفَايَتَهِا، وإن خرجَتْ بغير إذنه، لم تُعْطَ منه؛ لأنها عاصيةٌ، ويجوز أن تُعطَى هذه من سهْمِ


(١) في ز: كان.
(٢) قال في المهمات: ما ذكره يعني الرافعي في إيجاب نفقة المكاتب على قريبه تابعه في الروضة ولم يستحضروا النفقات ما سبق لهما في هذا الباب، فإن الرافعي حكى فيها هناك احتمالين عن الحاوي وزاد النووي على ذلك فصحح عدم الوجوب وعلل بأنه رقيق.
(٣) قال النووي: قال أصحابنا: مؤنة سفرها معه إن كان بإذنه، فهي عليه، فلا تعطي وإن كان بغير إذنه، فلا تعطي الحمولة على الأصح؛ لأنها عاصية. وقال الشيخ أبو حامد: تعطي. والله أعلم.
قال في المهمات: لم يبين هل المراد عدم الكفاية في ذلك اليوم أم في تلك السنة أم في العمر الغالب وقد استنبطت من كلامهم ما يبين أن المراد السنة، فإن الرافعي ذكر في كتاب الإيمان أن المسكين ينتقل إلى التكفير بالصوم، وذكر في كتاب الظهار أن الانتقال إلى الصوم شرط العجز عن السنة أم عن العمر الغالب فيه احتمالان. قال النووي: الصواب منهما اعتبار السنة فيثبت من مجموع كلام الرافعي والنووي أن المراد بعدم الكفاية إنما هو في السنة فافهم ذلك فإنه عزيز مهم، فعلى هذا من عجز عن كفاية السنة فهو مسكين حينئذ فهل يعطى له كفاية سنة أم كفاية العمر الغالب فيه الخلاف المشهور ومن معه كفاية سنة لا يعطى شيئاً لأنه ليس بفقير ولا مسكين حالة الإعطاء وإن كنا نعطيه العمر الغالب، لو نقص ما معه عن السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>