للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّالِثُ: العَامِلُ عَلَى الزَّكَاةِ كَالسَّاعِي وَالكَاتِبِ والقَسَّامِ وَالحَاشِرِ وَالعرِّيفِ، أَمَّا الإمَامُ وَالقَاضِي فَرِزقُهُم مِنْ خُمُسِ الخُمُسِ، لأَنَّ عَمَلَهُم عَامٌّ، وَأُجْرَةُ الكَيَّالِ عَلَى المَالِكِ فِي أَحَدِ الوَجْهَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الصِّنْفُ الثالثُ العامِلُ (١) على الزكاة، ويجب عَلَى الإمام بعْثُ السُّعَاة؛ لأخذ الصدقات، كما فعله النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- والخلفاءُ بعده ايصالاً للحَقِّ إِلى المستحِقّ؛ فإنَّ من أرباب الأموال مَنْ لا يعرِفْ الواجب ومصْرِفَهُ، ومنهم من يَبْخَلُ، أو يتوانى؛ فيضيع المال ومن العاملين على الزكاة سوى الساعي (٢) فالكاتب والقسام والحاشر الَّذي يجمع أربابَ الأموال والعَرِّيف (٣)، وهو كالنَّقِيب للقبيلةِ، والحاسب وحافظ المال، قال المسعوديُّ: وكذا الجنديّ، فيسهم من الزكاةِ لهؤلاءِ ولا حق فيها للإمامِ، ولا لوالي الإقليم، ولا للقاضي، بل رزقهم، إذا لم يتَطوَّعوا من خُمُس الخُمُس المرصَدِ للمصالح العامة؛ لأنَّ عملهم عامٌّ، وقد روي أن ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنه- "شَرِبَ لَبَنَاً، فَأَعْجَبَهُ، فَأُخْبِرَ أنَّهُ من نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فأدْخَلَ أُصْبُعَهُ في حَلْقِهِ وَاسْتَقَاهُ (٤).

وفي أجرة الكَيَّالِ والوَزَّان، وعادِّ الغَنَم وجهان:


= فالتفرج، لا يعد حاجة، كاقتناء كتب الشعر والتواريخ ونحوها مما لا ينفع في الآخرة، ولا في الدنيا، فهذا يباع في الكفارة وزكاة الفطر، ويمنع اسم المسكنة. وأما حاجة التعلم، فإن كان للتكسب، كالمؤذن والمدرس بأجر، فهذه آلته، فلا تباع في الفطرة كآلة الخياط، وإن كان يدرس للقيام بفرض الكفاية، ثم بيع، ولا تسلبه اسم المسكنة؛ لأنها حاجة مهمة. وأما حاجة الاستفادة والتعليم من الكتاب، كادخاره كتاب طب ليعالج به نفسه، أو كتاب وعظ ليطالعه ويتعظ به، فإن كان في البلد طبيب وواعظ، فهو مستغنٍ عن الكتاب وإلا، فهو محتاج. ثم ربما لا يحتاج إلى مطالعته إلا بعد مدة، فينبغي أن تضبط فيقال: ما لا يحتاج إليه في السنة، فهو مستغن عنه. فتقدر حاجة أثاث البيت وثياب البدن بالسنة، فلا تباع ثياب الشتاء في الصيف، ولا ثياب الصيف في الشتاء، والكتب بالثياب أشبه. وقد يكون له من كتاب نسختان، فلا حاجة إلى إحداهما فإن قال: إحداهما أصح، والاخرى أحسن، قلنا: اكتفِ بالأصح، وبع الاحسن، وإن كان نسختان من علم واحد، إحداهما مبسوطة، والأخرى وجيزة، فإن كان مقصوده الاستفادة، فليكتف بالبسيط، وإن كان قصده التدريس احتاج إليهما. هذا آخر كلام الغزالي، وهو حسن، إلا قوله في كتاب الوعظ أنه يكتفي بالواعظ، فليس بمختار، لأنه ليس كل واحد ينتفع بالواعظ كانتفاعه في خلوته وعلى حسب إرادته.
ولو كان له عقار ينقص دخله عن كفايته، فهو فقير أو مسكين، فيعطى من الزكاة تمامها، ولا يكلف بيعها. ذكره الجرجاني في "التحرير" والشيخ نصر وآخرون.
(١) وإن كان غنياً.
(٢) وهو الذي يبعثه الإمام لآخذ الصدقات.
(٣) وهو الذي يعرف أرباب الاستحقاق.
(٤) البيهقي في السنن الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>