للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو إسحاق: إنها مِنْ سَهْم العاملين؛ لأنهم من العامِلِينَ ولأنَّا لو ألزمناها المَالِك، لزدْنا في قَدْر الواجِب، والأَصحُّ، وبه قال ابن أبي هريرة: أنَّهَا على المالك؛ لأن الكيل والوزن والعَدَّ؛ لتوفية الواجب، والتوفية على المَالِكِ، فصار كأجرةِ الكَيَّال والوَزَّان في البيع؛ فإنها على البائع (١)؛ لأنَّ عليه التوفيةَ، وإذا لم تَقَعِ الكفايةُ بعامِلٍ واحدٍ من ساعٍ أو كاتبٍ أو غيرهما، زِيدَ بحَسَب الحَاجَة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: الرَّابعُ: المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يُعْطَى هَذَا السَّهْمُ لِكَافِرٍ تَأَلُّفاً عَلَى الإِسْلاَمِ إِذْ لاَ صَدَقَةِ لِكَافِرٍ، أمَّا المُسْلِمُ إِذَا كَانَ ضَعِيفَ النِّيَّةِ في الإِسْلاَمِ فَهَلْ يُتَألَّفُ تَقْرِيراً لَهُ عَلَيهِ بِإعْطَاءِ مَالٍ؟ فِيهِ قوْلاَنِ، وَكَذا مَنْ لَهُ نُظَرَاءُ في الكُفْرِ يُنْتَظَرُ في إِعْطَائِهِ إِسْلامَهُم أَحَدُ القَوْلَيْنِ أنَّهُمْ لاَ يُعْطَوْنَ لاِسْتِغْنَاءِ الإِسْلاَمِ عَنِ التَّألُّفِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ تَأَسِّياً بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلاَنِ: (أَحَدُهُمَا:) أنَّهُ يُعْطَى مِنَ المَصَالِحِ (وَالثَّانِي:) مِنَ الزَّكَاةِ إِذْ هُوَ المُرَادُ بِالمُؤَلَّفَةِ، وَأَمَّا مَنْ يُتَأَلَّفُ عَلَى الجِهَادِ مَعَ الكُفَّارِ أَوْ مَعَ مَانِعِي الزَّكَاةِ إِنْ كَانَ تَأَلُّفُهُمْ بِمَالٍ أَهْوَنَ عَلَى الإمَامِ مِنْ بَعْثِ جَيْشٍ لِقُرْبِهِمْ مِنَ المَقْصُودِينَ بِالْقِتَالِ فَهَؤلاَءِ يُعْطَوْنَ قَطْعَاً، وَفِي مَحَلِّهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، وَقِيْلَ: قَوْلاَنِ: (أَحَدُهَا): أنَّهُ مِنَ المَصَالِحِ (والثَّانِي:) مِنْ سَهْم المُؤلَّفَةِ (والثَّالِثُ:) مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللهِ فَإِنَّهُ تَأَلُّفٌ عَلَيَ الْجِهَادِ (وَالرَّابعُ): (و) إِنْ رَأي الإِمامُ أَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ سَهْمِ المُؤَلَّفَةِ وَسَهْمِ سَبِيلِ اللهِ فَعَلَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الصنف الرابع المؤلَّفة، وهم ضربان كفارٌ ومسلمون:

أما الضرب الأول: فهم الذين يميلون إلى الإِسلام، فيرغبون فيه بإعطاء مال، والذين نخاف شرهم، فيتألفون لدفع الشر، وهؤلاء لا يُعْطَوْنَ شيئاً من الزكاة؛ إذ لا حق فيها لكافر، واحتج له بأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ -رضي الله عنه- "أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرائِهِمْ" (٢).

وقال أبو حنيفة: "يجوز دفع صدقة الفطر إلى الكافر"؛ واعلم كذلك قوله في الكتاب: "إِذْ لاَ صَدَقَةَ لِكَافِرٍ"، وأما مُنْ غير الزكاة، فقولان:


(١) قال النووي: هذا الخلاف في الكيال ونحوه، ممن يميز نصيب الفقراء من نصيب المالك. فأما الذي يميز بين الأصناف، فأجرته من سهم العاملين بلا خلاف. وأما أجرة الراعي بعد قبضها، فهل هي في سهم العاملين، أم في جملة الصدقات؟ وجهان حكاهما في "المستظهري". أصحهما: الثاني، وبه قطع صاحب "العدة". وأجرة الناقل والمخزن، في الجملة. وأما مؤنة إحضار الماشية ليعدها الساعي، فعلى المالك.
(٢) متفق عليه وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>