للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: يُعْطَوْنَ من خمس الخمس؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُعْطِيهِمْ (١)؛ ولنا فيه أسوة حسنة، وقد تدعوا الحاجة إليه.

وأصحهما: المنع؛ لأن الله تعالى أعزَّ الإِسلام وأهله، وأغنى عن التألُّف، وقد رُوِيَ أنَّ مشركًا، جاء إلى عُمَرَ -رضي الله عنه- يلتمس مالاً، فلم يعط، وقال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف- ٢٩] وأيضاً، فخمس الخمس كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل فيه ما شاء؛ بخلاف من بعده، وأشار بعضهم إلى رفع الخلاف، وقال: لا يُعْطَوْنَ إِلاَّ أنْ تنزل بالمسلمين نازلة، أو تمس إليه الحاجة.

الضرب الثاني: مؤلَّفة المسلمين، وهم أصناف:

صنف دخلوا في الإِسلام، ونيتهم ضعيفة، فيتألفون ليثبتوا، وآخرون لهم شرف في قومهم يَبْتَغِي بتألفهم رغبةُ نظرائهم في الإِسلام، ففي هذين الصنفين قولان:

أحدهما: أنهما يعطيان تأسِّياً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه أعطى بالمعنى الأول عُيَيْنَة بن حُصَنْ، والأقرع بن حابِسٍ، وأبا سفيان بن حَرْب، وصفوانَ بْنَ أمية (٢)، وبالمعنى الثاني عديَّ بْنَ حاتم، والزِّبْرِقَانَ بْنَ بدر (٣).


(١) رواه مسلم من حديث رافع بن خديج وغيره: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى المؤلفة قلوبهم يوم حنين مائة من الإبل -الحديث- قلت: إلا أنه ليس فيه أن ذلك كان من خمس الخمس، وليس فيه ما يدل على المنع من أنهم يعطون من الزكاة. قاله الحافظ.
(٢) مسلم من حديث رافع بن خديج وزاد: وعلقمة بن علائة، وأعطى عباس مرداس دون ذلك، فذكر الحديث.
(٣) قال الحافظ هذا عده النووي من أغلاط المهذب، ولا يصرف مرفوعاً، وإنما يعرف عن عمر، ووهم ابن معن فزعم أنه في الصحيحين.
حديث: أنه أعطى الزبرقان بن بدر، وهذا عده النووي من أغلاط الوسيط ولا يعرف، ووهم ابن معن فزعم أنه في الصحيحين، وقد عدا ابن الجوزي في التنقيح ثم الصغاني في جزء مفرد: أسامي المؤلفة مجموعاً من كلام ابن إسحاق ومقاتل ومحمد بن حبيب وابن قتيبة والطبري وغيرهم، فبلغوا بهم نحو الخمسين نفساً، فلم يذكر فيهم الزبرقان ولا عدي بن حاتم، وفي الصحيحين ما يدل على أنه أسلم طوعاً وثبت على إسلامه في الردة، والله أعلم وحديث: أنه أعطى الأربعة الأولين لضعف نيتهم في الإِسلام، وهم عيينة والافرع وأبو سفيان وصفوان، وأعطى عدياً والزبرقان رجاء رغبة نظرائهما في الإِسلام، أما الأول: فصحيح في حقهم إلا صفوان بن أمية فإنه إنما أعطاه قبل أن يسلم، وقد صرح بذلك المصنف في السير، ونص عليه الشَّافعي في الأم، ونقله عنه البيهقي في المعرفة، فقال: أعطى صفوان قبل أن يسلم وكان كأنه لا يشك في إسلامه، وقال الغزالي في الوسيط: أعطى صفوان بن أمية في حال كفره ارتقاباً لإسلامه، وتعقبه النووي بقوله: هذا غلط صريح بالاتفاق من أئمة النقل والفقه، إنما أعطاه بعد =

<<  <  ج: ص:  >  >>