للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: المنع لما ذكرنا من استغناء الإِسلام عن التألُّف، ولم ينقل عن عمر، ولا عن عثمان، ولا عن علي -رضي الله عنهم- الإعطاءُ بذلك، فعلى الأوَّل من أين يُعْطَوْنَ، فيه قولان:

أحدهما: من سهم المصالح؛ لأنه من مصالح المسلمين.

وثانيهما: من الزكاة؛ وعليه يحمل قوله تعالَى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة- ٦٠] ورُوِيَ أنَّ أبا بكر -رضي الله عنه- أعطى عديّاً، كما أعطاه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- (١).

قال الأئمة: والغالب على القلب أنه كان من الزكاة.

وصنف يبغي بتألفهم أن يجاهدوا من يليهم مِنَ الكفارِ، ومِنْ مانِعِي الزكاة، ويأخذوا زكاتهم، فهؤلاء يُعْطَوْنَ لا محالة؛ كيلا يحتاج الإمام إلى بعث جيش إليهم، إذا ثقلت المُؤْنة، وبَعُدَتِ الشُّقَّة، ومن أين يعطون؟ فيه أربعة أقوال:

وقال صاحب الكتاب وجماعةٌ: أربعة أوجه:

أحدها: من خمس الخمس سهم المصالح؛ لأنه من سهم مصالح الإِسلام.

والثاني: من سهم المؤلَّفة؛ لأن المقصود تألَّفُهم واستمالتهم.

والثالث: من سهم سبيل الله من الزكاة؛ لأنه تألُّف على الجهاد.


= إسلامه انتهى، وتعقبه ابن الرفعة فقال: هذا عجيب من النووي كيف قال ذلك، وفي صحيح مسلم والترمذي عن سعيد بن المسيب عن صفوان بن أمية هذه القصة قال: أعطاني النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى أنه لأحب الناس إلى، قال ابن الرفعة، وفي هذا احتمالان، أحدهما أن يكون أعطاه قبل أن يسلم وهو الأقوى، والثاني أن يكون بعد إسلامه، وقد جزم ابن الأثير في الصحابة أن الإعطاء كان قبل الإِسلام، وكذلك قاله النووي في التهذيب في ترجمة صفوان، وقال في شرح المهذب: أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- صفوان بن أمية من غنائم حنين، وصفوان يومئذ كافر، والله أعلم، ويكفي في الرد على النووي في هذا نص الشَّافعي الذي نقله البيهقي والله الموفق، وأما إعطاء عدي والزبرقان فتقدم الكلام عليهما.
(فائدة) دعوى الرافعي أنه -صلى الله عليه وسلم- أعطى صفوان ذلك من الزكاة، وهم والصواب أنه من الغنائم، وبذلك جزم البيهقي وابن سيد الناس وابن كثير وغيرهم.
(١) الشَّافعي والبيهقي من طريقه، قال: الذي أحفظ فيه من متقدمي الأخبار: أن عدي بن حاتم جاء إلى أبي بكر بثلاثمائة من صدقات قومه، فأعطاه منها ثلاثين، لكن ليس في الخبر إعطاءه إياها من أين، غير أن الذي يكاد أن يعرف بالاستدلال أنه أعطاه إياها من سهم المؤلفة ليزيده رغبة فيما صنع، وليتألف من قومه من لا يثق منه بما وثق به من عدي، انتهى. وذكر أبو الربيع بن سالم في السيرة له أن عدياً لما أسلم وأراد الرجوع إلى بلاده، اعتذر إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الزاد، وقال: ولكن ترجع فيكون خير، فذلك أعطاه الصديق ثلاثين من إبل الصدقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>