للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصَابِعِهِ (١). ولو استعمل هاشميٌّ أو مطلبيٌّ، فهل يحل له سهْمُ العاملين؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنه أجرة عمله، وهذا أصحُّ عند أبي الحسن العباديِّ.

وأصحهما: عند صاحب "التهذيب": لا؛ كما لو كان غارماً أو غازياً، وأيضاً: فقد رُوِيَ أنَّ الفضْلَ بن عباس، وعبد المطلب بن ربيعة -رضي الله عنهما- سألا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُؤَمِّرهما عَلَى بَعْض الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: "إنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلاَ لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ (٢).

ويجري الخلافُ فيما إذا جعل بعض المرتزقة عاملاً، وفي موالي النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وموالي بني هاشم، وبني المطلب وجهان، ويقال: قولانِ: وجه الحلِّ؛ أنهم لا يستحقون خمس الخمس، والمطلبيون والهاشميُّون، أخذوا خمس الخمس، فاستغنوا عن الزكاة، والأصح: المَنْعُ؛ لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث عاملاً فقال لأبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصْحَبْني كَيْمَا نُصِيبَ مِنَ الصَّدقَةِ، فَسَأَلَ أبُو رَافِعِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لَنَا، وإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ من أَنْفُسِهِمْ" (٣).

فرع: إذا انقطع خمس الخمس عن بني هاشم وبني المطلب؛ لخلُوِّ بيت المال عن الفيء والغنيمة، أو لاستبداد الظلمة بها:

قال الإصطخريُّ: "يجوز صرف الزكاةِ إليهم؛ لأنَّ الخمس عوضٌ عنها على ما أشار إليه في الحديث: "أَلَيْسَ في خُمُسِ الخُمُسِ مَا يُغْنِيكُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ"؟ فإذا لم يحصل لهم الغرض، كفيت مؤناتهم بالزكاة، وهذا ما اختاره (٤) القاضي أبو سعد الهرويُّ فيما حكاه سماعاً عنه الشيخ الإمام [ملكداد بْنُ عَلِيٍّ] (٥) القزوينيُّ شيخ والدي، وبه كان يفتي الإمامُ محمَّد بن يحْيَى -رحمهم الله جميعاً- والأكثرون طردوا القوْلَ بالتحريم، وقالوا: "ليست المقابلةُ بين المال والمَالِ، وإنما المقابلة بين التحْرِيمِ والاستحقاق".


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم، من حديث أبي رافع. قلت: وهو في الطبراني من حديث ابن عباس.
(تنبيه) اسم الرجل الذي استتبع أبا رافع: الأرقم بن أبي الأرقم، صرح به النسائي والطبراني حديث: إن رجلين سألاه الصدقة فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني -الحديث-. قاله الحافظ.
(٤) لكن المذهب الأول.
(٥) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>