للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالحجِّ والجهاد، أو مندوباً؛ كزيارةِ قبر النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وفي السفر المباحِ؛ [كسفر التجارة]، وطلب الآبِقِ وجهان:

أحدهما: لا يعطَى؛ لأن عنده غنيةٌ، وعلى هذا، فلا يكفي ألا يكون معصيةً، بل يعتبر أن يكون طاعةً.

وأصحهما: أنه يعطَى؛ كما أنَّ سفر المباح وسفر الطاعة يستويان في الترخَّص، وذكروا في سفر النُّزْهة خلافاً مع الإعطاء في سفر المباح؛ لأنه ضرب من الفُضُول، والظاهر أنه يعطَى أيضاً فإنه نوع من السفر المباحِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَهَؤُلاءِ هُمُ المُسْتَحِقُّونَ بِشَرْطِ أَلاَّ يَكُونَ المَوْصُوفُ بِصِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَافِراً، وَلاَ مِنَ المُرْتَزِقَةِ ثَابِتَ الاسْمِ في الدِّيوَانِ، وَلاَ هَاشِمِياً فَالصَّدَقَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى هَؤُلاءِ، وَفِي مَوْلَى الهَاشِمِيِّ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الغرض الآن التعرُّض للصفات المشروطة في الأصناف جميعاً، فمنها: إلاَّ يكون المدفوع إليه (١) كافراً، وقد إندرج ذكره في المؤلفة.

ومنها: ألا يكون المدفوع [إليه] المغازي من المرتزقة الذين أُثْبِتَتْ أسماؤُهُم في الديوان، وقد ذكره مرة في سهمْ سَبِيل اللهِ] (٢).

ومنها: ألا يكون المدفوع إليه هاشميّاً ولا مُطَّلِبيّاً، فالزكاة محرَّمة عليهما، لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّمَا هَذِهِ الصَّدَقَاتُ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لاَ تَحِل لِمُحَمَّدٍ وَلاَ لآلِ مُحَمَّدٍ" (٣). وقال أبو حنيفة: "لا تُحرَّم علي بني المطَّلِب".

لنا: أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "نَحْنُ وَبَنُوا عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحدٌ، وَشَبَّكَ بَيْنَ


(١) قال قاضي القضاء جلال الدين البلقيني: سئلت عمن أسلم بعد حولان الحول، هل يعطى من زكاة السنة الماشية فأفتيت بالجواز لأن الشرط إسلامه وقت الدفع لا إسلامه في جميع السنة، وهذا وقت الدفع إليه مسلم وإذا كان الرافعي والنووي رجحا في المال الذي يصرف لبيت المال إرثاً أنه يجوز صرفه إلى من أسلم بعد موت الميت مع أنه وارث ويعتبر في الوارث إسلامه قبل الموت فما الظن بهذا. (حكاه عنه البكري في حاشيته).
(٢) سقط في: ز.
(٣) رواه مسلم من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب في حديث طويل وفيه هذا اللفظ، واللفظ لأبي نعيم في معرفة الصحابة من حديث نوفل بن الحارث: إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم، وفي الطبراني من طريق حنش عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث- فذكر نحوه، وقد استدل به الرافعي للاصطخرى في أن خمس الخمس إذا منعه أهل البيت حلت لهم الصدقة. قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>