للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "فتاوى القفال -رحمه الله-: "أن الإمام لو لم يفرق ما اجتمع عنده من الزكَوَاتِ من غَيْر عُذْر، حتى تلف، ضمن والوكيل بالتفريق لو أَخَّرَ حتَّى تلف، لم يضمن؛ لأن الوكيل لا يجبُ عليه التفريقُ، بخلاف الإمام (١)، وأنه لو كانت له حنطةٌ عند غيره وديعة، فقال للمودَع: كُلْ منها كذا لنَفْسِكَ، ونوى كونه زكاةً، ففيه وجهان؛ لأن المالك لم يَكِلْهُ عليه، وَكِيْلُهُ لنفْسِه لا يُعْتَبَرَ، ولو كان قد وكَّلَه بشراءِ ذلك القَدْر، فاشترى، وقبض، ثم قال له المُوَكِّل: خذ لنفْسِك، ونوى كونه زكاةً، جاز؛ لأنه لا يحتاج أن يكيل لنفسه، وأنه لو كان له دَيْنٌ على غيره، فقال للمدْيُون: [اقض ما عليك على أنْ أرده إليك عن زَكَاتِي، فقضاه، صحَّ القضَاءُ، لم] (٢) يلزْمه ردَّه إليه، ولو دفع إلى المديون دراهمَ زكاتِهِ عَلَى أن يردَّها إليه قضاءَ لدينه، لم يَجْزِه عن الزكاة، ولم يصحَّ قضاء الدَّين بها، وكذلك ذَكَر هذه الصورة "صاحب التهذيب" -رحمه الله- في "باب الشرْطِ في المَهْر" قال: "ولو قال المديونُ: ادفع، ديناراً من الزكاة، حتى أقضِيَ به دَينَكَ، ففعل، جاز عن الزكاة"، وهو بالخيار في أداء الدَّين منه، وفي "البحر" للقاضي الرويانيِّ: "أنه لو دفع الزكاة إلَى مسكينُ وأعده أن يردَّها إليه بالبيع أو الهبة، أو ليصرفَهَا المزكي في كسوة المسكين ومصالحه، ففي كونه قبْضاً صحيحاً احتمالان لأن التخليةَ لم تحصُل على التمام، وأنه لو دفع الزكاة إلى مسكين، وهو غير عارف بالمدفوع؛ بأن كان مشدُوداً في خرقةٍ أو كاغدٍ، لا يعرف جنسه وقدْرَه، فتلف في يد المسكين، ففي سقوط الزكاة احتمالانِ (٣)؛ لأن معرفة القابض لا تشترط، فكذلك معرفة


(١) قال النووي: قال أصحابنا: لو جمع الساعي الزكاة، فتلفت في يده قبل أن تصل إلى الإمام، استحق أجرته من بيت المال. والله أعلم.
(٢) سقط في: ز.
(٣) قال النووي: الأرجح: السقوط. وبقيت من الباب مسائل تقدمت في باب أداء الزكاة وغيره.
وبقيت مسائل، لم يذكرها الإمام الرافعي هنا.
منها: قال الصيمري: كان الشَّافعي في القديم، يسمي ما يؤخذ من الماشية صدقة، ومن النقدين زكاة، ومن المعثرات عشراً فقط. ثم رجع عنه وقال: يسمى الجميع زكاة وصدقة.
ومنها: الاختلاف. قال أصحابنا: اختلاف رب المال والساعي على ضربين. أحدهما: أن يكون دعوى رب المال لا تخالف الظاهر، والثاني: تخالفه. وفي الضريين، إذا اتهمه الساعي، حلفه، واليمين في الضرب الأول مستحبة بلا خلاف. فإن امتنع عن اليمين، ترك ولا شيء عليه.
وأما الضرب الثاني: فاليمين فيه مستحبة أيضاً على الأصح، وعلى الثاني: واجبة، فإن قلنا: مستحبة، فامتنع، فلا شيء عليه، وإلا أخذت منه لا بالنكول، بل بالسبب السابق. فمن الصور التي لا يكون قوله فيها مخالفاً للظاهر، أن يقول: لم يحُل الحول بعدُ.
ومنها: أن يقول الساعي: كانت ماشيتك نصاباً ثم توالدت، فيضم الأولاد إلى الأمهات، ويقول رب المال: لم تكن نصاباً، وإنما تمت نصاباً بالأولاد، فابتدأ الحول من حين التولد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>