للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: (وَأَمَّا المُحَرَّمَاتُ) فَقَدْ حُرِّمَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَأَكْلُ الثَّوْمِ عَلَى وَجْهٍ، وَالأَكْلُ مُتَّكِئاً عَلَى وَجْهٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: النوْعُ الثَّاني: ما اختصَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- به من الْمُحَرَّمَاتِ، وَهِيَ قِسْمَانِ.

أحدهما: المحرمات من غير النِّكَاحِ، فمنها: الزكاة، ويشاركُهُ في حرمتها أُولُو الْقُرْبَى؛ لكنَّ التحريمَ عليهم بسببه أيضاً، فالخاصيَّة عَائِدَةٌ إليه.

ومنها: الصَّدَقَةُ، على أظهر القولَيْنِ؛ على ما سبق في قسم الصَّدَقَاتِ (١).

ومنها: أَنَّهُ كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَ وَسَلَّمَ- لا يأْكُل الثومَ، والبَصَل، والكُرَّاثَ (٢)، وهل كان حَرَاماً عليه؟ فيه وجهان.

أشبههما: لا؛ لكنه كان يمتنع منه كيلا يتأذَّى به الْمَلَكُ.


(١) قال في الخادم قال صاحب التقريب في كتاب الهبة لم يختلف جواب الشَّافعي في أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ شيئاً باسم الصدقة تطوعاً أو فريضة إلى آخر ما ذكره وليت الأئمة جزموا بالحرمة مطلقاً وذكر صاحب الخادم أيضاً عن أبي هريرة أن المحرمة عليه صدقة الاعيان فأما العامة كالمساجد ومياه الآبار فلا وقد سبق مثله وأبدى الماوردي وجهاً اختاره أن ما كان فيها أبدالاً متقومة كانت محرمة دون ما كان عليها غير متقوم فتخرج صلاته في المسجد وشربه من ماء زمزم وبئر رومة ومما يحرم عليه -صلى الله عليه وسلم- كما ذكره الرافعي في بابه.
(٢) قال الحافظ: يؤخذ مما رواه ابن خزيمة وغيره من طريق جابر بن سمرة عن أبي أيوب نحو ما أخرجه مسلم [٥٦٤] وزاد: إني أستحي من ملائكة الله وليس بمحرم، وللحاكم من طريق سفيان ابن وهب عن أبي أيوب أنه أرسل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطعام من خضرة فيه بصل أو كراث، فلم يرَ فيه أثر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبى أن يأكله، فقال رسول الله: أني أستحي من ملائكة الله وليس بمحرم، ولابن خزيمة من حديث أبي سعيد: لم يعد أن فتحت خيبر وقعنا في تلك البقلة الثوم، فأكلنا أكلاً شديداً، قال وناس جياع، ثم قمنا إلى المسجد، فوجد رسول الله الريح، فقال: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا في مسجدنا، فقال الناس: حرمت حرمت، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكنها شجرة أكره ريحها، وإنه يأتيني أنحاء من الملائكة فأكره أن يشموا ريحها، وهذه الأحاديث تدل على أن النهي المطلق في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري [٨٥٤ - ٨٥٥ - ٥٤٥٢ - ٧٣٥٩]: أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى يوم خيبر عن أكل الثوم، محمول على من أراد حضور المسجد، وقد زاد يزيد بن الهاد عن نافع: أن ابن عمر كان يأكله إذا طبخ، وظاهر الأحاديث أن كل ذلك لم يكن بحرام عليه على الإطلاق، بل في أبي داود والنسائي من حديث عائشة أن آخر طعام أكله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعام فيه بصل، زاد البيهقي: إنه كان مشوياً في قدر، ويؤيده حديث عمر عند مسلم: فمن كان أكلهما ولا بدّ فليمتهما طبخاً، ولأبي داود والترمذي عن علي: نهى عن كل الثوم إلا مطبوخاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>