للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩]، وإنما يتجه القول بتحريمهما ممن يقول: إنه -عليه السَّلامُ- كان يحسنهما وقد اختلفوا فيه.

فقيل: كان يحسنهما لكنه كان يمتنع منهما، وااْلأَصَحُ: أنه كان لا يحسنهما.

ومنها: كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- يُحَرَّمُ عليه إذا لبس لأُمَتَهُ (١) أَنْ ينزعها، حتى يَلْقَى العدوَّ، وَيُقَاتِلَ.


= فخرج موزوناً، وقد ادعى ابن القطاع وأقره النووي الإِجماع على أن شرط تسمية السلام شعراً أن يقصد له قائله، وعلى ذلك يحمل ما ورد في القرآن والسنّة، وإما أن يكون القائل الأول قال: أنت النبي لا كذب، فلما تمثل به النبي -صلى الله عليه وسلم- غيره، والأول أولى، هذا كله في إنشائه، ويتأيد ما ذهب إليه البيهقى بما أخرجه ابن سعد بسند صحيح عن معمر عن الزهري قال: لم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئاً من الشعر قيل قبله، أو يروى عن غيره، إلا هذا، وهذا يعارض ما في الصحيح عن الزهري أيضاً لم يبلغنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات، زاد ابن عائذ من وجه آخر عن الزهري: إلا الأبيات التي وإن يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبناء المسجد، وأما إنشاده متمثلاً فجائز، ويدل عليه حديث عبد الله بن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما أبالي شربت ترياقاً، أو تعلقت بتميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي، أخرجه أبو داود وغيره، فقوله: من قبل نفسي احتراز عما إذا أنشده متمثلاً، وقد وقع في الأحاديث الصحيحة من ذلك، كقوله: أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد، ألا كل شيء ما خلا الله باطل، متفق عليه من حديث أبي هريرة، وحديث عائشة: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمثل بشعر ابن رواحة، وحديثها: وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استراب الخبر يتمثل بقول طرفة: ويأتيك بالأخبار من لم تزود، صححه الترمذي، وأخرجه البزار من حديث ابن عباس أيضاً، وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من مرسل الحسن البصري: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يتمثل بهذا البيت: كفى بالإِسلام والشيب ناهياً، فقال له أبو بكر: كفى الشيب والإِسلام للمرء ناهياً، فأعادها كالأول، فقال: أشهد أنك رسول الله، وما علمناه الشعر وما ينبغي له، فهو مع إرساله فيه ضعف، وهو راويه عن الحسن: علي بن زيد بن جدعان، وأما ما رواه البيهقي في الدلائل: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للعباس بن مرداس: أنت القائل: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة، فقال: إنما هو بين عيينة والأقرع، فقال: هما سواء، فإن السهيلي قال في الروض: أنه -صلى الله عليه وسلم- قدم الأقرع، على عيينة، لأن عيينة وقع له أنه ارتد ولم يقع ذلك للأقرع، وروى الحاكم والبيهقي والخطيب من طريق عبد الله بن مالك النحوي مؤدب القاسم بن عبيد الله، عن علي بن عمرو الأنصاري عن ابن عيينة عن الزهري، عن عروة عن عائشة قالت: ما جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيت شعر قط إلا بيتاً واحداً: فقال بما تهوى تكن فلقل ما يقال لشيء كان ألا تحقق، قالت عائشة: لم يقل تحققاً، لئلا يعربه فيصير شعراً، قال البيهقي: لم أكتب إلا بهذا الإِسناد، وفيه من يجهل حاله، وقال الخطيب: غريب جداً، والله أعلم.
(١) اللأمة بهمزة ساكنة الدرع ويجمع على لأم كثمرة وثمر ولؤم كرطب وهذا الثاني على غير قياس فإنه جمع لؤمة بضم اللام قاله في المهمات قال في الخادم ويعني بها أيضاً السلاح كله كما قال الأزهري وحكاه عنه ابن مالك في كتاب الهمز.
والحديث، علقه البخاري [١٣/ ٣٣٩] مختصراً، ووصله أحمد والدارمي وغيرهما من حديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>