للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يَمُنَّ ليستكثر، قال اللهُ تَعَالَى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] أي لا تعط شيئاً، فتأخذ أكْثَرَ منه.

قال الْمُفَسِّرُونَ: وهذا خاصة للنَّبِيِّ -صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ، وَنِكَاحُ الحُرَّةِ الكِتَابِيَّةِ وَالأَمَةِ عَلَى وَجْهٍ.

قال الرَّافِعِيُّ: القسم الثاني: المُحَرَّمَات المتعلقة بالنِّكَاحِ.

فمنها: إمساك من كَرَهَتْ نِكَاحَهُ، ورغبت عنه، واستشهد له بأن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نكح امْرَأَةً ذَاتَ جَمَالٍ، فَلُقِّنَت أَن تقول لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَعُوَذُ باللَّهِ مِنْكَ.

وقيل لها: إِنَّ هذا كَلاَمٌ يُعْجِبُهُ، فلما قَالَتْ ذلك، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَقَدِ اسْتَعَذْتِ، بِمُعَاذٍ، الْحَقِي بِأهْلِكِ " (١).

ومنها: هل كان يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ؟ فيه وَجْهَانِ:


= الدين أصلها المال، ثم نسخ التأديب بالمال وما تفرع عنه.
(١) قال الحافظ: قال ابن الصلاح في مشكله: هذا الحديث أصله في البخاري من حديث أبي سعيد الساعدي فيه الواقدي وهو معروف بالضعف، ومن الوجه المذكور أخرجه الحاكم ولفظه عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة: أخضبها أنت، وأنا أمشطها، ففعلتا، ثم قالت لها إحداهما إن رسول الله يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه أغلق الباب وأرخى الستر، ثم مد يده إليها، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال بكمه على وجهه فاستتر به، وقال: عذت بمعاذ، ثم خرج علي فقال: يا أبا أسيد الحقها بأهلها، ومتعها برازقيين، فكانت تقول: ادعوني الشقية، وفي رواية للواقدي أيضاً منقطعة: أنه دخل عليها داخل من النساء وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنك من الملوك، فإن كنت تريدين أن تحظي عنده فاستعيذي منه -الحديث- وأصل حديث أبي أسيد عند البخاري [٥٢٥٤] كما قال ابن الصلاح، وعنده وعند مسلم من حديث سهل بن سعد نحوه، وسماها أميمة بنت النعمان بن شراحيل، وفي ظاهر سياقه مخالفة لسياق أبي أسيد، ويمكن الجمع بينهما، وهو أولى من دعوى التعدد في الجونية، وللشيخين أيضاً من حديث عائشة أن ابنة الجون لما دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك، وسماها ابن ماجة من هذا الوجه: عمرة، ورجح ابن منده: أقيمة وقيل اسمها العالية، وقيل فاطمة، ووقع نحو هذا القصة في النسائي، وقال: إنها من كلب، والحق أنها غيرها، لأن الجونية كندية بلا خلاف، وأما الكلبية فهي سناء بنت سفيان بن عوف بن كعب بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب، حكاه الحاكم وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>