للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن القاضي حُسَيْن: أنه لا يلزمه قيمة الْوَلَدِ بخلاف ولد المغرور؛ لأن هناك فات الرِّقُّ عليه، وهاهنا لا يمكن تقدير الرق ويوافق هذا ما حكاه الإِمَامِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أَنه لو قدر نكاح غرور في حق النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يَلْزَمْهُ قيمة الْوَلَدِ؛ لأنه مع العلم بالحال لا ينعقد رقيقاً، ولا ينتهض الظَّنُّ دافعاً للرق، وَطَرَدَ الحناطيُّ الوجهين: في أنه هل كان يحل له نِكَاحُ الأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ؟.

وأما وَطْؤُهَا بملك اليمين، فأظهر الوجهين: حِلَّهُ، وبه أجاب الشَّيْخُ أبو حامدٍ.

وقوله في الكتاب: "وإمساك من كَرهَتُ نِكَاحَهُ، ونكاح الحرة الكتابية والأمة، على وجه" لم يردْ به عود الوجه إلى المسائل الثلاث، وإنما أراد الخلاف في المسألتين الأخيرتين، لكن يمكن رده إلى المسألة الأولى أيضاً؛ لأن في شرح الجويني ذُكِرَ وَجْهٌ غَرِيْبٌ أنه كان لا يحرم عليه إمساك من كَرِهَتْ نكاحه، وإنما يفارقها يكَرُّمَاً.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (أَمَّا التَّخْفِيفَاتُ) فَقَدْ أُحِلَّ لَهُ الوِصَالُ وَصَفِيَّةُ المَغْنَمِ، وَالاسْتِبْدَادُ بِالخُمْسِ، وَدُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْر إحْرَامٍ، وَجَعْلُ مِيرَاثِهِ صَدَقَةً.

قال الرَّافِعِيُّ: النوع الثالث: التخفيفات والمباحات، وما أبيح له دون غيره قسمان أيضاً:

أحدهما: القسم الأول: ما يتعلق بغير النكاح، فمنه الوِصَالُ في الصَّومِ فهو مُبَاحٌ (١) للنبي -صلى الله عليه وسلم- مَكرُوهٌ للأمة على ما مَرَّ في الصَّوْم".

ومنه: اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة من جارية وغيرها (٢)، ويقال:


(١) سبق حديثه في الصيام، وهو في الصحيحين عن أنس وابن عمر وأبي سعيد وأبي هريرة وعائشة، وليس المراد بخصوصيته بإباحته مطلق الوصال، لأن في بعض طرقه: فايكم أراد فليواصل إلى السحر، ولا ينتهض دليل تحريم الوصال أيضاً وإنما حرف المسألة أنه كان له أن يتقرب به وليس ذلك لغيره، والله أعلم.
(٢) قال الحافظ قوله: ومنه اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة من جارية وغيرها إلى أن قال: ومن صفاياه صفية بنت حيي اصطفاها وأعتقها فتزوجها، وذو الفقار، انتهى أما الأول: فروى أبو داود والنسائي من طريق عامر الشعبي مرسلاً قال: كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- سهم يدعى الصفي إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس، ومن طريق ابن عون سألت ابن سيرين عن سهم النبي -صلى الله عليه وسلم- سهم الصفي، قال: كان يضرب للنبي -صلى الله عليه وسلم- بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء، وهذا مرسل أيضاً، وأما الثاني: فقال ابن عبد البرّ: سهم الصفي مشهور في صحيح الآثار، معروف عند أهل العلم، ولا يختلف أهل السير في أن صفية منه، وأجمعوا على أنه خاص به، انتهى ونقل القرطبي عن بعض العلماء أنه للإِمام بعده، وروى أبو داود من طريق هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كانت صفية من الصفي، وأخرجه ابن حبان والحاكم، وفي الصحيحين البخاري [٥٠٨٦] مسلم [١٣٥٦] عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، وفي البخاري عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس في قصة =

<<  <  ج: ص:  >  >>