للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك الْمُخْتَارُ: الصفِيُّ والصَّفِيَّةُ، والجمع: الصَّفَايَا.

ومن صفاياه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ، اصطفاها، وأعتقها، وتزوجها، وَذُو الفَقَار. ومنه خمس خمس من الفيء والغنيمة، كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

والاستبدادُ (١) بأَرْبَعَةِ الأخماس من الفيء كانت له -أيضاً- على ما ذكرنا من"قسم الفيء والغنيمة". ومنه: دُخُولُ مَكَّةَ بغير إحْرَامٍ، كان مباحاً له، نقله صَاحِب "التَّلْخِيصِ" وغيره، وفي حقِّ الأَمَةِ خِلاَفٌ مذكور في "الحج"

ومنه: أنَّ ماله لا يورث روي عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ لاَ نوْرَثُ " (٢). ثم حكى الإِمامُ وجهين:

أحدهما: أن ما تركه بَاقٍ على ملكه ينفق منه على أهله، كما كان ينفق منه في


= قال: فاصطفاها لنفسه، ومن طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس كانت صفية في السبي فصارت إلى دحية، ثم صارت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن طريق عبد العزيز بن صهيب في قصة خيبر، وأخذ دحية صفية، فجاء رجل، فذكر الحديث، فدعاها فقال لدحية: خذ جارية من السبي غيرها، وفي مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أنه اشتراها من دحية بسبعة رؤوس، وقال النووي في شرحه: يحمل على أنه اصطفاها لنفسه بعد ما صارت لدحية، جمعاً بين الأحاديث والله أعلم، وقال المنذري: والأولى أن يقال: كانت صفية فيئاً لأنها كانت زوج كنانة بن الربيع، وكانوا صالحوا رسول الله وشرط عليهم أن لا يكتموه عنا، فإن كتموه فلا ذمة لهم، ثم غير عليهم فاستباحهم وسباهم، ذكر ذلك أبو عبيد وغيره، قال: وصفية ممن سبي من نساءهم بلا شك، وممن دخل أولاً في صلحهم، فقد صارت فيئاً لا يخمس، وللإِمام وضعه حيث أراه الله، وأما ذو الفقار فرواه أحمد والترمذي [١٥٦١] وابن ماجة [٢٨٠٨] رواه أحمد [٢٤٤٥] والطبراني [١٠٧٣٣] والحاكم [٣/ ٣٩] من حديث ابن عباس: أنه -صلى الله عليه وسلم- تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، وفي الطبراني عن ابن عباس: أن الحجاج بن عكاظ أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذا الفقار، إسناده ضعيف، واعترض على الرافعي هنا بأنه يرى أن غنيمة بدر كانت كلها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسمها برأيه، فكيف يلتئم مع قوله: إن ذا الفقار كان من صفاياه، والكلام في الصفي إنما هو بعد فرض الخمس، وعلى هذا فيحمل قول ابن عباس تنفل بمعنى أنه آخره لنفسه ولم يحطه أحداً.
(١) وفي لفظ الاستبداد شدة في التعبير.
(٢) تقدم في باب القسمة والغنيمة، وهذا اللفظ أيضاً للطبراني في الأوسط، وقال الحميدي في مسنده ناسفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة.
قال الحافظ: فائدة نفل ابن عبد البر عن قوم من أهل البصرة منهم إبراهيم ابن علية: أن هذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصحيح أنه عام في جمع الأنبياء لهذا الحديث، وتمسك المذكورون بظاهر قوله تعالى {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} وبقوله حكايه عن يعقوب {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي} وأجيب بأنه محمول على وراثة النبوة والعلم والدين، لا في المال والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>