للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه في انعقاد نكاحه بلفظ الهبة (١) وجهان:

أحدهما: المنع، كما في حَقِّ الأَمَةِ.

وأظهرهما: وهو المذكور في الكتاب: الانعقاد؛ لقولِهِ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} الآية [الأحزاب: ٥٠].

وعلى هذا لا يجب الْمَهْرُ بالعقد، ولا بالدخول كما هو قضية الهبة، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظُ النِّكَاحِ من جِهَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ في وجه: لا يشترط كما لا يشترط من جهة الواهبة. وفي وجه: يشترط لظاهر لقوله تعالى: {أَنْ يَسْتَنْكَحَهَا} [الأحزاب:٥٠]، وهذا أرجح عند الشيخ أبي حَامِدٍ، هذا في انعقاده بلفظ الهبة.

قال الأَصْحَابُ: وينعقد نكاحه بمعنى الهبة؛ حتى لا يجب المهر ابتداءٍ ولا انتهاءً. وفي "المجرد" للحَنَّاطيِّ وغيره وجه غريب أنه يجب المهر، وخاصية النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الانعقاد بُلفظ الهبة (٢).

ومنه: إذا رغب النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- في نكاح امرأة فإن كانت خَلِيَّةً فعليها الإِجَابَةُ، ويحرمُ على غيره خِطْبَتِهَا، وفيه وَجْهُ، نقله القاضي ابن كَجٍّ.

وإن كانت ذات زَوْجٍ، وجب على الزوج طلاقها؛ لينكحها وفي شرح "الجويني" وجةٌ: أنه لا يجب، وهو كوجه القاضي ابنِ كَجٍّ في الْخَلِيَّةِ واسْتَثْهَدَ صَاحِبُ "الْكِتَابِ" في "الْوَسِيطِ" على وجوب التطليق على الزوج بِقِصَّةِ زَيْدٍ -رضي


(١) قال في الخادم اختلفوا هل كان تحته امرأة موهوبة على وجهين بناهما الماوردي والروياني على اختلاف القراءتين في قوله تعالى: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} من قرأ بالكسر قال لم يكن وبه قال مجاهد ومن قرأ بالفتح وهو خبر عما مضى قال: كانت عنده وعلى هذا فاختلفوا في تعيينها هل هي خولة بنت حكيم أو ميمونة أو زينب الأنصارية أم شريك: أقوال.
(٢) قال الحافظ: قد ذكر الرافعي في أواخر الكلام أن أكثر المسائل التي ذكرها هناك مخرجة على أصل، وهو أن النكاح في حقه هل هو كالتسري في حقنا، إن قلنا نعم، لم ينحصر عدد منكوحاته إلى آخر كلامه، قلت: ودليل هذا الأصل وقوع الجواز في الزيادة على الأربع، والباقي ذكروه إلحاقاً، والله أعلم.
فائدة: اختلف في الواهبة فقيل: خولة بنت حكيم وقع ذلك في رواية أبي سعيد المؤدب عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أخرجه البيهقي وابن مردويه، وعلقه البخاري ولم يسق لفظه، وبه قال عروة وغيره، وقيل، أم شريك رواه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن أم شريك وبه قال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل، وقيل: هي زينب بنت خزيمة أم المساكين قاله الشعبي، وروي ذلك عن عروة أيضاً، وقيل ميمونة بنت الحارث روي ذلك عن ابن عباس وقتاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>