للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهما لا يخاطبان وبمعنى أَنَّهُ لا حَرَجَ فيه لا يختص بالوجه واليدين، وقد قال: "فينظر إلى الوجه واليدين فقط" وإذا رددنا الْكَلاَمَ إلى أنَّ الُمَنْظُورَ إليها هل يلزمهما الاحتجاب فهذا في الصبي على التفصيل الذي سبق، وأما المجنون فلا شك في وجوب الاحتجاب منه كالعاقل، بل أولى فليقرأ "أو مجبوباً" ببائين وحينئذٍ فيجب تقييده بالممسوح لما مر ثم ليعلم بالواو لأحد الوجهين المذكورين في الممسوح.

وقوله: "أو مملوكاً له" معلم بالحاء والواو لما سبق.

وقوله: "أو كانت رقيقة أو صبية" بالواو، ثم الحكم بأنه لا ينظر في الصور المستثناة إلاَّ إلى الوجه واليدين خلافاً للمذهب الظاهر، أمَّا في المحرم؛ فلأنهم لم يذكروا خلافاً في جواز النظر إلى ما يبدو عند المهنة.

وقالوا: الأصح جواز النظر إلى جميع أعضائها إلا ما بين السُّرَّةِ والركبة وكذا في الرقيقة، وأما في الصَّبِيَّةِ فمن جَوَّزَ النَّظَرَ عَمَّمَهُ في أعضائها بعد اجتناب الفرج كما بيناه وأما في عبد المرأة والممسوح فإذا جَوَّزْنا النظر إليه جعلناه كالنظر في المحارم فإذن في الفصل خبط ولا سائر من الأصحاب إلى جوازه.

قَالَ الغَزَّالِيُّ: وَالعَوْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ فَقَطْ، وَيُبَاحُ نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ، وَالمَرْأَةِ إلَى المَرْأَةِ، وَالمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ عِنْدَ الأَمْنِ مِنَ الفِتْنَةِ إلاَّ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.

قال الرَّافِعِيُّ: قوله: "العورة من الرَّجُلِ ما بين سرته وركبته" مكرر مذكور مرة في "سِتْرِ العورة"، ولا حاجة إلى إعادته في هذا الموضع وإذا عاد فليعلم بالعلامات المذكورة هناك [ثم نرجع إلى الترتيب الذي كنا فيه] (١) فنقول:

القسم الثاني: نظرُ الرجل إلى الرجل وهو جائزٌ في جميع البدن إلاَّ ما بين السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ. نعم يحرم النظر إلى الأَمْرَدِ وغيره بالشهوة وكذا النظر إلى المحارم، وسائر المذكورات في الفصل السابق بالشهوة حرام لا يحرم النظر إلى الأمرد بغير الشهوة إن لم يخف فتنة وإن خاف فوجهان: قال أكثرُهُمْ: يحرم تَحَرُّزاً عنها (٢).

وعن صاحب "التقريب" واختاره الإِمامُ: أنه لا يحرم، وَإِلاَّ لأُمِرُوْا بالاحْتِجَابِ كَالنِّسْوَةِ. ورُوِيَ أنّ وَفْداً قدموا على رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وفيهم غُلاَمٌ حَسَنُ الْوَجْهِ فَأَجْلَسَهُ


(١) سقط من: ز.
(٢) قال النووي: أطلق صاحب "المهذب" وغيره: أنه يحرم النظر إلى الأمرد لغير حاجة، ونقله الداركي عن نص الشَّافعي رحمه الله. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>