للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ورائه وَقَالَ: "أَمَا أَخْشَى مَا أَصَابَ أَخِي دَاوُدَ". وكان ذلك بمرأى من الحاضرين، فَدَلَّ على أنه لا تحريم.

القسم الثالث: نظر المرأة إلى المرأة: وهو كما ذكرنا في نظر الرَّجُلِ إلى الرَّجُلِ إلاَّ في شيئين.

أحدهما: أن الإِمام حكى وجهاً في أن نظر المرأة إلى المرأة كنظر الرجل إلى المحارم، والأصح أنه لا فرق.

والثاني: في نظر الذِّمِّيَّةِ إلى المسلمة وجهان:

أحدهما: كنظر المسلمة إلى المسلمة.

والثاني: المنع لقوله تعالى جده: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] وليست الذمية من نسائنا والأول أصح عند صاحب الكتاب، والثاني أصح فيما ذكره صاحب "التهذيب" (١). وإذا قلنا بالثاني لم تدخل الذِّمِّيَّاتُ المسلمات مع الحمام وما الذي ترى الذمية من المسلمة؟!. قال الإمام: لا ترى منها إلا ما يراه الرجل الأجنبي.

وقيل: لا ترى إلا ما يبدو عند المهنة دون غيره وهذا أشبه (٢).

القسم الرابع: نظر المرأة إلى الرَّجُلِ -فيه ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ:

أحدها: أنها تنظر إلى ما يبدو عند المهنة دون غيره إذ لا حاجة إليه.

والثاني: أنها لا ترى من الرجل إلاَّ ما يرى الرجل منها تسوية بينهما (٣).

والثالث: وهو الأصح: أن لها النظر إلى جميع بدنه إلاَّ ما بين السرة والركبة، وليس كنظر الرجل إلى المرأة؛ لأن بدنها صورة في نفسه، وكذلك يجب ستره في


(١) قال الشيخ البلقيني الوجهان في نظر الكافرة محلهما في الأجنبية مع الأجنبية كلما صرح به القاضي الحسين أما نظر الكافرة إلى المسلمة التي هي بنتها أو أمها ونحو ذلك فلا يمتنع لأن المحارم الرجال لا يمتنع عليهم ذلك ولو مع اختلاف الدين فالنساء بطريق أولى، فأما المرأة القريبة كبنت العم وبنت الخال ونحوهما فهل يجري عليها حكم نساء المحارم أم حكم نساء الأجانب الأقرب الثاني.
(٢) قال النووي: ما صححه البغوي هو الأصح أو الصحيح، وصائر الكافرات كالذمية في هذا، ذكره صاحب "البيان". والله أعلم.
قال الشيخ البلقيني هذا التفريع علي قول المنع كما صرح به القاضي الحسين وما ذكره الشيخ ظاهر لأنه لو كان علي الجواز لنظرت ما عدا السرة إلي الركبة.
(٣) قال النووي: هذا الثالث، هو الأصح عند جماعة، وبه قطع صاحب"المهذب" وغيره، لقول الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١] ولقوله -صلى الله عليه وسلم- "أفعمياوان أنتما، أليس تبصرانه" الحديث وهو حديث حسن. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>