للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُخْرَى فسبب الْبُطَلانِ فيها ملك الزوجة الزوج، وهذا المعنى لو عرض فَسَدَ النِّكَاحُ، فهذا قارن ابتداءً منع الانعقاد.

والثاني عن القَفَّالِ: أَنَّ سبب الفَسَادِ التعليق والتوقيف كَأنَّهُ يقول: لاَ يَنْعَقِد لَكَ نِكَاحُ ابنتي، حَتَّى ينعقد لي نِكَاحُ ابْنَتِكَ، أَو زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي، أَوْ زَوَّجْتَنِي ابْنَتَكَ، وَكَانَتْ [لِلْعَرَبِ] (١) أَنْفَهُ وَحِمْيَّةٌ، وَجَاهِلِيَّةٌ، ولا يرضون بِأَنْ يُزَوِّجُوا حَتَّى يُزَوَّجُوْا.

وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: زوَّجتُك ابنتي على أنْ تزوجني ابْنَتَكَ وَقَبَلَ الآخَرُ، ولم يجعلا البضع صداقاً ففيه وجهان:

أصحهما: الصِحة؛ لأَنَّ تَفْسِيرَ الشِّغَارِ الذِي ورد في الخبر لم يُوْجَدْ، ولم يتحقق التَّشْرِيْكُ، وَلَيْسَ فيه إلاَّ شرط عقد في عقد، وأنَّهُ لا يفسد النكاح، فعلى هذ يصح [النكاحان] (٢) ولكل واحدة مَهْرُ المِثْلِ.

والثاني: لا يصحُّ لمعنى التعليق والتوقيف، وخصص الإِمام الوجهين بما إذا كانت الصيغة هذه ولم يذكرا مَهراً وقطع بالصحة فيما إذا قال: زوجتك ابنتي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيْ ابْنَتَكَ.

قال: وليس الْفَرْقُ لذكر الْمَهْرِ، بل؛ لأنه رُوِيَ في بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عن نِّكَاحِ الشِّغَارِ وهو أن يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَه، عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَ صَاحِبُهُ ابْنَتَهُ فَفُسرَ بهذا القدر من غير مزيد، ولك أن تقول هذا التفسير حاصل سواء ذُكِرَ المهر، أو لم يذكره إذ ليس فيه تعرض لترك المهر، كما ليس فيه تعرض لذكره، فلا يصلح مستنداً للفرق، وإذا قلنا بالوجه الأول؛ فلو قال: زوَّجتُك ابنتي على أن تزوجني ابنتك وبضع ابنتك صداق لابنتي فقبل: صح الأول وبطل الثاني ولو قال: وبضع ابنتي صداق لابنتك بطل الأول، وَصَحَّ الثَّاني وهذا نظر في معنى التَّشْرِيكِ، ولو سيما لهما، أو لأحدهما مهراً مع جعل البضع صداقاً، بأن قال أحدهما: زوَّجتُك ابنتي بِألْفٍ على أن تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ بِأَلْفٍ، وبِضْعُ كُلِّ واحدةٍ منهما صداق للأخرى، أو قال: على أن تزوِّجني ابنتك. وَبِضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الأخْرَى وألف، أو قال: زوَّجتُك ابنتي على أن تزوجني ابنَتَكَ، ويكون بِضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ وألف درهم صداقاً للأخرى فوجهان:

أحدهما: وهو ظاهر لفظ "المختصر": أنه صحيحٌ؛ لأنه ليس على صورة تفسير لفظ الشِّغَارِ؛ ولأنه لم يخل عن الْمَهْرِ.

وأصحهما: البطلان -لقيام معنى التَّشْرِيكِ والتوقيف، ويحكى هذا عن نَصِّه في


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: النكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>