فيبنى على أنه لو اختلف أهل عَصْرٍ في مَسْأَلَةٍ، ثم اتفق من بعدهم على أحد القولين فيها هل يصير ذلك مجمعاً عليه -وفيه وَجْهَانِ أصوليان:
إن قلنا: نعم وجب الْحَدُّ، وِإلاَّ فلا، كالوطئ في سائر الأَنْكِحَةِ المختلف فيها، وهو الأصَحُّ ولك أن تقول: نقلوا في المسألة عن زفر أنه يلغو التَّأْقِيتَ وَيصِحُّ النِّكَاحُ مؤبداً فليسقط الْحَدُّ لذلك وإِنْ صَحَّ رجوع ابن عَبَّاسِ -رضي الله عنهما- وحيث لا يجب الْحَدُّ يجب الْمَهْرُ والعدة ويثبت النَّسَبُ.
= ومعاوية وعمرو بن حريث وأبو سعيد وسلمة ومعبد ابنا أمية بن خلف، قال: ورواه جابر عن الصحابة مدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومدة أبي بكر ومدة عمر إلى قرب آخر خلافته، قال: وروي عن عمر أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وقال به من التابعين طاوس وعطاء وسعيد ابن جبير وسائر فقهاء مكة، قال: وقد تقصينا الآثار بذلك في كتاب الإِيصال، انتهى كلامه، فأما ما ذكره عن أسماء فأخرجه النسائي من طريق مسلم القري قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء، فقالت: فعلناها على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأما جابر ففي مسلم من طريق أبي نضرة عنه: فعلناها مع رسول الله، ثم نهانا عنها عمر، فلم نعد لها، وأما ابن مسعود ففي الصحيحين عنه قال: رخص لنا رسول الله أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء ثم قرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} وأما ابن عباس فقد تقدم، وأما معاوية فلم أرَ ذلك عنه إلى الآن، ثم وجدته في مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: أول من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلي بن أمية، قال: أخبرني يعلى أن معاوية استمتع بامرأة في الطائف، فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عباس فذكرنا له ذلك فقال: نعم، وأما عمرو بن حريث فوقعت الإشارة إليه فيما رواه مسلم من طريق أبي الزبير، سمعت جابر يقول: كنا نستمتع بالقبضة من الدقيق والتمر الأيام على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث، وأما معبد وسلمة ابنا أمية: فذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة بإسناده أن سلمة بن أمية بن خلف استمتع بامرأة فبلغ ذلك عمر فتوعده على ذلك، وأما قصة أخيه معبد فلم أرها، وكذلك قصة عمرو بن حريث مشروحة، وأما رواية جابر عن الصحابة فلم أرها صريحاً، وإنما جاء عنه أنه قال: تمتعنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر، وفي رواية: فلما كانا في آخر خلافة عمر، وفي رواية: تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر وعمر، وكل ذلك في مسلم ومصنف عند الرزاق، ومن المشهورين بإباحتها ابن جريج فقيه مكة، ولهذا قال الأوزاعي فيما رواه الحاكم في علوم الحديث: يترك من قول أهل الحجاز خمس، فذكر فيها متعة النساء من قول أهل مكة، وإتيان النساء في أدبارهن من قول أهل المدينة ومع ذلك فقد روى أبو عوانة في صحيحه عن ابن جريج أنه قال لهم بالبصرة: اشهدوا أني قد رجعت عنها بعد أن حدثهم بئمانية عشر حديثاً أنها لا بأس بها. قوله: روي أن امرأة كانت في ركب فجعلت أمرها إلى رجل فزوجها، فبلغ ذلك عمر، فجلد الناكح والمنكح، الشَّافعي والدارقطني [٣/ ٢٢٥] والبيهقي من طريق ابن جريج عن عبد الحميد عن عكرمة بن خالد به، وفيه انقطاع لأن عكرمة لم يُدرك ذلك.