للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الناكح والمنكح (١)؛ ولأن شَارِبَ النَّبِيْذِ يُحَد مع الاختلاف في إباحته.

وَيُحْكَى هَذَا عَنِ الإصْطَخرِيِّ وأبي بكر الفارسي أيضاً وأجاب من نصر ظاهر المذهب عن الأول بأنَّ الْمُرَادَ تشبيهها بالزَّانِيَةِ في تَبَرُّجِهَا واستقلالها بضم نَفْسِهَا، ولهذا قال: "الزانية هي التي تنكح نفسها" ولم يقل: التي تنكح نفسها زانية.

وعن الثَّاني: بأنَّ الْمُرَادَ التعزيرُ؛ ألا ترى أنه جلد المنكح ولا حد عليه بالاتفاق.

وعن الثالث: بأن أدلة تحريم النَّبِيْذِ أظهر وأيضاً فَإِنَّ الطبع يدعو إليه، فيحتاج إلى الزَّجْرِ، ولهذا نوجبه على من يعتقد إباحته أيضاً، وهنا بخلافه، ولو رُفِعَ النِّكَاحُ بَلاَ وَلِيٍّ إلى قَاضٍ يصححه فقضى بصحته، ثُمَّ رُفِعَ إلينا لم ننقض قضاءه كمعظم المسائل المختلف فيها.

وقال الإِصْطَخْرِي: ينقص أيضاً؛ لظهور الأخبار، وَلَوْ طلق في النكاح بلا وَلِيٍّ لم يقع ولا يحتاج إلى المحلل، ولو طلق ثلاثاً؛ لأن الطَّلاَقَ إنما يقع في النِّكَاحِ الصَّحِيْحِ.

وقال أَبُو إِسْحَاقَ: يقع ويحتاج إلى المحلل احتياطاً للأبضاع وهذا كوجهين نقلهما أبو الحسن العبادي عن القفَّال في: أنها إذا زوجت نفسها -هل للولي أن يزوجها قبل تفريق القاضي بينهما؟ قال: وبالمنع أجاب القَفَّالُ الشَّاشِيُّ؛ لأنها في حكم الْفِرَاشِ لَهُ وَهُوَ تَخْرِيْجِ ابْنُ سُرَيْجٍ واللهُ أَعْلَمُ ولما تكلم في إنشاء المرأة النكاح أدرج في الفصل الكلام في إقرارها بالنِّكاح وقد يحتج بالإِقرار من يجوز لها الإِنشاء، وشرحه أن الْحُرَّةَ البالغة العاقلة إذا أقرت بالنِّكَاح ففيه قَوْلاَنِ:

الجديد -وهو المذكور في الكتاب: أنَّ إقرارها مع تَصْدِيْقِ الزَّوْجِ مقبول مغن عن البينة؛ لأنَّ النِّكَاح حَقُّ الزَّوْجَينِ فثبت بتقارهما كالبيع والإِجارة وغيرهما، ولا فَرْقَ على هذا الْقَوْلِ بين الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا بلديين أَوْ غَرَيبَّيْنِ.

والقديم -وبه قال مَالِك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أنهما إن كانا غريبين ثَبَتَ النِّكَاحُ بتقارهما وإلاَّ طُولِبَا بالْبَيِّنَةِ؛ لأنه يسهل عليهما إقامة البَيِّنَةِ، والنِّكَاحُ مما يحتاط فيه، فإن قلنا بالجديد فيكفي إطلاق الإِقرار أم لا بُدَّ وأن نفصل فنقول: زَوِّجْنِي مِنْهُ وَلِي بحضور شاهدين عدلين، ورضاي إن كانت ممن يعتبر رضاها فيه وجهان بِنَاءً على الخِلاَفِ في أنَّ دَعْوَى النِّكَاحِ تسمع مطلقة، أو يجب التفصيل. وَالأَصَحُ الثَّانِي.

ثُمَّ إِذَا أَقَرَّتْ وَكَذَّبَهَا الْوَلِيُّ ففيه وجهان:

أحدهما: أنه لا يُحكم بإقرارها؛ لأنها كالمُقِرَّةِ عَلَى الْوَلِيِّ بِالتَّزْوِيْجِ، فَلاَ يُقْبَلُ


(١) أثر لم يخرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>