للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَظْهَرَ خلافه وَأَمَّا قوله: "وله عبارة في القَبُولِ" فيمكن أن يفصل عما بعده، وحينئذٍ فيكون الْمُرَادُ أَنَّ عبارته في القبول صحيحة في الجملة، ويمكن أن يجعل متصلًا بما بعده فيكون المعنى أن عبارته في القَبُولِ والإيجاب معًا بالوكالة صحيحة، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يجوز أن يعلم قوله: "وغير إذنه" بالواو للوجهين في جواب قبوله بغير إِذْنِ السَّيِّدِ. وقوله في أول الْفَصْلِ الأَوَّلِ: "الرق" كان من حق لفظ "السوالب" أن يقول: الأولى والثانية: لأنها جَمْعُ سَالِبَةٍ إلاَّ أنه ذكر على المعنى وَاللهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِي مَا يَسْلُبُ النَّظَرَ) كَالصَّبَا وَالجُنُونَ وَالعَتَهِ وَالسَّفَهِ وَالسُّكْرِ، والمَرَضِ الشَّدِيدِ المُلْهِي يَنْقُلُ الوِلاَيَةَ اِلَى الأَبْعَدِ، وَالإِغْمَاءِ يَنْقُلُهَا بَعْدَ ثَلاَثةِ أَيَّامِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَالجُنُونُ المُتَقَطِّعُ يَنْقُلُ (و) إِلَى الأَبْعَدِ، وَالعَمَى لاَ يَقْدَحُ عَلَى وَجْهٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ومن موانع الوَلاَيَةِ مَا يَسْلُبُ النَّظَرَ وَالْبَحْثَ عَن حَالِ الأزواج واختيارهم، وَفِيْهِ صُوَرٌ:

إحداها: الصِّبَا يمنع الولاية؛ فهذا كان الأقرب صبيًا زوجها الأبعد، ولا يخفى أن هذا إنما يتصور في غير الأب والجد، والجنون المطبق كالصَّبِي في منع الولاية ونقلها إلى الأبعد، وفي الْجُنُونِ الْمُنَقَطَّعِ وَجْهَانِ:

أحدهما: أَنَّ الجوَابَ كذلك، ويزوجها الأبعد في يوم جُنُونه لبطلان أَهْلِيَّتِهِ وزوال ولايته في نفسه وماله، وَهَذَا أَصَحُّ عَنْدَ الْقَاضِي ابنِ كَجٍّ والإِمام، وهو المذكور في "الكتَابِ".

والثاني: أنه لا يزيل الولاية؛ لأنه يشبه الإغماء من حَيْثُ إنه يَطْرَأُ ويزول وَهَذَا أَصَحُّ عَنْدَ صَاحِب "التَّهْذِيْبِ" وعلى هذا فعن الحَنَّاطِيَّ وغيره وجه: أنه يزوجها الحاكم كما في الغيبة واَلمشهور أَنه ينتظر حتى يفيق وَالْخِلاَفُ جار في [الثَّيِّب] (١) المنقطع جنونها. فعلى رأي: تزوج في حال الجنون. وعلى رَأْيٍ: ينتظر إفاقتها لتأذن.

ولو وكل هذ الولي في نوبة إفاقته فيشترط أن يقع عقد الوكيل قبل معَاوَدَةِ الْجُنُونِ، وكذا إذا أذنت الثيب يشترط تقدم العقد على معاودة الجنون.

قال الإِمَامُ رَحِمَهُ اللهُ: وإذا قصرت نوبة الإِفاقة جدًا لم يكن الحال حال تقطع الْجُنُونِ؛ لأنَّ السُّكُوتَ اليسير لا بدّ وأن يعرض مع إطباق الجنون، ونقل وجهين للأصحاب فيما إذا أفاق وبقيت فيه آثار من الخبل يحتمل مثلها ممن لا يعتريه الْجُنُونُ على حدة في الخلق أنه تعود الولاية، أو يُسْتدامُ حكم الجنون إلاَّ أن يصفو حاله عن الخبل.


(١) في ز: البنت.

<<  <  ج: ص:  >  >>