للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية: اختلال العقل والنظر إما لهرم أو لخَيَلٍ جبلي أو عارض يمنع ثبوت الولاية للعجز عن اختيار الأزواج، وعدم العلم بمواضع الحظ، وتنتقل الولاية إلى الأبعد وَالمُفْلِسُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ ولي لكمال نظره، والحجر عليه لحق الغرماء لا لنقصان فيه.

وَأَمَّا السَّفِيْهُ المحجور عليه فالمشهور أنه لاَ يَلِي لأَنَّ الْحَجْرَ عليه لنقصانه، فلا [يحسن أن يفوض إليه] (١) أمر غيره.

وَحَكَى صَاحِبُ "الْمُهَذَّب" مع هذا وجهًا جيدًا: أنه يلي لأنه كامل النظر في مصالح النِّكَاحِ، وإنما حُجِرَ عَلَيْهِ لئَلاَّ يضيع ماله، وإذا قلنا بالمشهور ففيه مُبَاحَثَةٌ وهي أن الحجر على السفيه قد يتعلق بِالْفِسْقِ كما يتعلق بالتَّبْذِيرِ حَتَّى لَو بلغ مفسدًا لماله وفي دينه يستمر الحَجْر عليه ولو بلغ مصلحًا لهما ثم عاد الفسق، أو التبذير ففي إعادة الْحَجْرِ خِلاَفٌ مذكور في موضعه، وِاذَا حَصَلَ الْفِسْقُ وَقُلنَا أَنَّهُ يَسْلُبُ الولاية، فَلاَ أَثَرَ للِتَّبْذِيْرِ ولا للحجر، وَإِنَّمَا يظهر أَثَرُهِمَا إِذَا لَمْ يوجد الْفِسْقُ أَوْ لَمْ يجعله سَالِبًا للولاية، وَإِذَ وجد التبذير المقتضي للحجر ولم نحجر عليه بَعْدُ، فما ينبغي أن تزول الولاية.

الصورة الثالثة: الإِغماء إن كان مما لا يُدُومُ غالبًا كهيجان المرة الصفراء، أو الصَّرَعُ فهو كالنَّوْمِ فينتظرَ إفاقته ولا يزوجها غيره، وَإِنْ كان مما يدوم يومًا أو يومين أو أكثر فوجهان:

أَحَدُهُمَا: نقل الولاية إلى الأبْعَدِ كالجنون.

وأظهرهما: المنع؛ لأنه قَرِيْبُ الزَّوَالِ، وعلى هذا ففي "التَّهْذِيبِ" وغيره: أنه ينتظر إفاقته كالنَّائِمِ ينتظر استيقاظه.

وقال الإمَامُ: ينبغي أن تعتبر مدته بالسَّفَر فإن كانت مدته مدة معلومة ينتظر فيها مراجعة الولي الغائب وقطع المسافة ذهابًا وإيابًا، فينتظر إفاقته، وإن كانت مدة لا يؤخر التزويج فيها لمراجعة الغَائِب ذِهَابًا وَإيابًا قيل يزوجها الحاكم فَكَذَا هنا، والرجوع في معرفة مُدَّتِهِ إلى أهل الخبرة، فإذا قالوا: إنه من القسم الثاني جاز تزويجها في الْحَالِ.

الصورة الرَّابِعَةُ: السُّكْرُ إن حَصَلَ بسبب يفسق به وقع الكلام في أَنَّ الفَاسِقَ هل يلي؟. إن قلنا: لا يلي، فذاك.

وإن قلنا: يلي أوَ حَصَلَ بسبب لا يفسق به بأن كَانَ مُكْرَهًا أو غالطًا فإن لم ينفذ تصرف السَّكْرَانُ فالسُّكْرُ كَالإِغْمَاء، وإن جَعَلْنَا تَصرُّفَهُ كتصرف الصَّاحِي، فمنهم من صَحَحَ تَزْوِيْجَهُ، ومنهم من مَنَعَ لإختلال نظره وبه قال الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.


(١) في ز: يصلح أن يلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>