للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أثر الإِحرام ماذا. فيه وجهان:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَثَرَه سلب الولاية، وَنَقَلَهَا إلى الأبعد كالجنون.

وأظهرهما: أَنَّ أَثَرَهُ مجرد الامتناع دُونَ زَوَالِ الوَلاَيَةِ لبقاء الرُّشْدِ وَالنَّظَرِ، وعلى هذا فيزوج السلطان كما في صورة الغيبة ولا فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ الإِحْرَامُ بالحج، أَوْ بالْعُمْرَةِ، ولا بين أنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا.

وحكى الحَنَّاطِيُّ وجهًا: أنَّ الإِحْرَامَ الْفَاسِدَ لا يمنع صحة النِّكَاحِ وفي انعقاد النِّكَاحِ بشهادة المحرم وجهان.

قال الإِصْطَخْرِيُّ: لا ينعقد، لأَنَّهُ روي في بعض الروايات: "لا ينكح المحرم ولا يشهد" (١).

وَالأَظْهَرُ الانْعِقَادُ؛ لأنَّهُ ليس بعاقد ولا مَعْقُودٍ عليه لَكِنَّ الأَوْلَى أن لا يحضر، وَفِي جَوَازِ الرَّجْعَةِ فِي الإِحْرَامِ وجهان:

أحدهما: الْمَنْعُ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.

وأصحهما: الْجَوَازُ؛ لأَنَّها استدامة، فَأَشْبَهَتِ الإِمْسَاكُ في دَوَام النِّكَاحِ، وقد يبنى هذا الخلاف على أَنَّ الرَّجْعَةَ هل تفتقر إلى حُضُورِ الشُّهُودِ، فَإِنْ قلنا: نعم -أجريناها مَجْرَى الابتداء. وفي جَوَازِ النِّكَاحِ بين التحللين قَوْلاَنِ مَذْكُورَانِ في "الحج" بشرحهما. وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ "الكِتَاب" اكتفى بما سبق عن إعادته هنا لَجَازَ ومن فاته الحج، فهل له أن ينكح قبل التحلل بعمل عمرة، فيه وجهان رَوَاهُمَا الحَنَّاطِيُّ، ولو وكل حلال حلالاً بالتزويج، ثم أحرم أحدهما، أو أحرمت المرأة، ففي انعزال الوكيل وجهان بناءً على الخلاف السَّابِقِ في أَنَّ الإِحْرَامَ هل يزيل الولاية أم لا، والظاهر أنه لا [ينعزل] (٢)، حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التزويج بعد التحَلل بالوكالة السابقة، وَهَلْ لَهُ التزويج قبل تحلل الموكل أثبت صَاحِب "الْكِتَابِ" فيه وجهين حَيْثُ قَالَ: "وإن كان الأظهر [أن الوكيل] (٣) لاَ يَتَعَاطَى في حالة إحرام المَوكل بل بعده"، وَلَمْ أَرَ للخلاف ذكرًا، فيما عثرت عليه مِنْ كُتُبِ الأَصْحَاب، ولم يتعرض له في "الوسيط"، ولا ذكره الإمام وإنما قَالاَ: قال الصَّيْدَلاَنِيّ لا يزوج الوكيل؛ لأن تنفيد تصرف النائب مع عجز الأصل بعيد، وهذا لا يوجب الخلاف، ولو جَرَى التَّوْكِيل في حال إحرام الموكل أو الوكيل أو المرأة، فينظر إن وكل


(١) قال النووي في شرح المهذب: قال الأصحاب: هذه الرواية غير ثابتة، وبهذا جزم ابن الرفعة، والظاهر أن الذي زادها من الفقهاء أخذها استنباطًا من فعل أبان بن عثمان لما امتنع من حضور العقد، فليتأمل.
(٢) في ز: يتعول.
(٣) في ز: أنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>