للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً، فللأولَى، مهرها المسمَّى، وللثانية مَهْرُ المِثل، وإن وطئ أولاً التي نكَحَها آخراً، فلها مَهْرُ مثلها؛ لأنَّه لم ينعقد نِكَاحُهَا وللمنكوحةِ أولاً نصْفُ مهرها المسمَّى وجميع مهْرِ المثل، أما نصْفُ المسمَّى، فلارتفاع نكاحها بسبب من جهة الزَّوْج، وهو وَطْءُ المنكوحة آخراً، وأما جميع مهْرِ المثل؛ فلأنه وَطِئَها بعد ارتفاع النِّكَاح وطءَ شبهة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِي): مَا لاَ يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَيَّدَةً وَيَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ وَهِيَ ثَلاَثَةٌ: (الأَوَّلُ): نِكَاحُ الأُخْتِ عَلَى الأُخْتِ لاَ يَجُوزُ مَا لَمْ يُطَلِّق الأُولَى طَلاَقاً بَائِناً وَلاَ يَجُوزُ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ بَيْنَ امْرَأَتيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ رَضَاعْ لَوْ كَانَ أَحَدُهَمَا ذَكَرَاً حَرُمَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ المَرْأَةَ وَأُمَّ زَوُجِهَا أَوْ بِنْتَ زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ لاَ يَصِحُّ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهِمَا ذَكَراً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: تكلَّمنا في المحْرَمِيَّة المقتضية للتحْرِيم المؤبَّد، وأمَّا ما يقتضي التحريم لا بصفة التأبيد، فَمِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بعددٍ، ومنه ما يتعلَّق بصفةٍ؛ كالرِّقِّ والكُفْر، والَّذِي يتعلَّق بالعدد ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:

الأول: الجمع بين الأختين من النَّسَب أو الرَّضَاع سواءٌ كانتا أختين من الأبوين أو من أَحَدِ الأبوين، قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] فلو نكح أختين معاً، فالنكاحان باطلان، وإن نكحهما على الترتيب، فنكاح الثَّانِيَة باطلٌ، فَإِنْ وطئها جاهلاً بالحكم، فلها مَهْرُ الْمِثْل، وعليها العدة، ويجوز أن يَطَأ الأُولَى والثانية في العدة، لكن الأَوْلَى ألاَّ يفعل، رُوِيَ أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:"منْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، فَلاَ يَجْمَعَنَّ مَاءَهُ في رَحِمِ أُخْتَيْنِ" (١).

وَإِذَا طَلَّقَ الأُولَى طَلاَقاً بَائِناً، فَلَهُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ؛ لأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ فَجَازَ له العقْدُ على أختها، كما لو طلَّقها قبل الدخول.

وقال أَبُو حَنِيْفَةَ وَأحْمَدُ -رحمهما الله- تعالى: لا يجوز له نكاح أُخْتِها ما دامَتْ هي في العدة، وكذا لو وطئَ امْرَأَةً بالشُّبْهَةِ، فما دامت في العِدَّةِ لا يجوز التزويج بأختها عِنْد أَبِي حَنِيْفَةَ، ولو كان الطَّلاَقُ رَجْعِيَّاً، لم يجز نكاح أختها ما لم تنقض عدتها؛ لأن الرَّجْعِيَّةَ في حكم المنكوحات، ألا تَرَى أنه يجري التوارث بينهما، ويلزمها


(١) قال الحافظ: لا أصل له باللفظين، وقد ذكر ابن الجوزي اللفظ الثاني، ولم يعزه إلى كتاب من كتب الحديث، وقال ابن عبد الهادي: لم أجد له سنداً بعد أن فتشت عليه في كتب كثيرة، وفي الباب حديث أم حبيبة في الصحيحين أنها قالت: يا رسول الله أنكح أختي، قال: لا تحل لي، الحديث، ولأبي داود من حديث فيروز الديلمي قال: قلت: يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان قال: طلق أيهما شئت، وللترمذي في روايته: اختر أيهما شئت، وسيأتي في باب نكاح المشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>