للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ إِلاَّ بِمَكَّةَ" (١).

واختلف الأصحاب في هذا الاستثناء ومنهم من قال: مكة كسائر البلاد في أوقات الكراهة والاستثناء لركعتي الطواف، فإن له أن يطوف متى شاء وإذا طاف بالبيت يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها صلاة لها سبب، والأصح وهو المذكور في الكتاب أن مكَّة، تخالف سائر البلاد لشرف البقعة وزيادة لفضيلة الصلاة فلا يحرم فيها عن استكثار الفضيلة بحال ويدل عليه ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَنْ وَليَ مِنْكُمْ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شيَئاً فَلاَ يَمْنَعَنَّ أَحَداً طَافَ بِهذَا الْبَيْتِ أَوْ صَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ" (٢).

وليكن قوله: "فلا يكره فيها صلاة" معلماً بالواو للوجه الأول وبالحاء والميم، لأن عندهما لا فرق بين مكة وسائر البلاد، ثم ليس المراد من مكة نفس البلد بل جميع الحرم للإستواء في الفضيلة.

وفي وجه: يختص بالاستثناء المسجد الحرام، وما عداه كسائر البلاد، والمشهور الصحيح الأول، ومتى ثبت النهي والكراهة فلو تحرم بالصلاة في الأوقات (٣) المنهية هل ينعقد، أم لا؟ هذا هو الذي رسمه فرعاً في الكتاب، وفيه وجهان:

أحدهما: نعم كالصلاة في الحمام، لا خلاف في انعقادها مع ورود النهي.

وأظهرهما: لا كما لو صام يوم العيد لا يصح، وعلى هذين الوجهين يخرج ما لو نذر أن يصلي في الأوقات المنهية، إن قلنا: تصح الصلاة فيها، يصح النذر، وإن قلنا: لا تصح فلا يصح النذر كما لو نذر صوم يوم العيد: فإن صححنا النذر فالأولى أن يصلي في وقت آخر، كمن نذر أن يضحي شاة بسكين مغصوب يصح نذره ويذبحها بسكين غير مغصوب. وأما إذا نذر صلاة مطلقاً فله أن يفعلها في الأوقات المكروهة فإنها من الصلوات التي لها سبب كالفائتة، وتختم الفصل بشيئين:

أحدهما: أن قوله في أول الفصل: "في الأوقات المكروهة وهي خمسة" يقتضي العصر في الخمسة المذكورة، وهو المشهور، والحصر في الخمسة حكم بإثبات الخمسة ونفي الزائد لكن في كلام الأصحاب حكاية وجهين في أن بعد طلوع الفجر هل يكره ما سوى ركعتي الفجر من النوافل أم لا؟


(١) قال ابن الملقن: رواه الشافعي، والدارقطني، والبيهقي بإسناد ضعيف ومنقطع. انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٩٥ - ٩٦).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٨١ - ٨٤) والشافعي في السنن (١/ ٥٧) والدارمي (٢/ ٧٠)، وأبو داود (١٨٩٤) والترمذي (٨٦٨) والنسائي (١/ ٢٨٤) وابن ماجة (١٢٥٤) وابن حبان (١٥٤٥) والحاكم في المستدرك (١/ ٤٤٨) وقال صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
(٣) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>