للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأصر على دِينِ موسَى -عليه السلام-، ثم من المصرين من تنصر على تعاقب الزمانِ قبل التحْريف وبعده، ولكن كأْنَّ الأصحابَ اكْتَفْوا بشرف النَّسَب، وجعَلُوه جابراً لنُقْصَانِ دخُول الآباء في الدِّين بعد التحريف، حتى فَارَقَ حُكْمُهُنَّ حكْمَ غير الإِسرائيليات، إذاَ دَخَل آباؤهن في الدِّين بعد التحريف واللهُ أَعْلَمُ.

وأما الدخول فيه بَعْدَ النَّسْخ وبعثة نبيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلا يُفْرَّقُ فيه بين الإِسرائيليةً وغيرها، على ما سيَتَّضِح بعد هذا الفصل -إن شاء الله تعالى-.

وقوله في الكتاب: "إنما يَجُوْزُ نِكَاحُ كتابيَّةٍ هي من أولاد بني إسرائيل" ظاهره يقتضي النظر إلى حال الآباء في الإسرائيليَّات أيضاً، حتى يكونُ نكاحُ الإِسرائيلية التي دَخَلَ أولُ آبائها في ذلك الدِّينِ بعد التحريف علَى قولين، كنكاح غير الإِسرائيلية التي دَخَل آباؤها فيه قبل التحريف ونظم "الوسيط" يقتضي مِثْلَ ذلك أيضاً، لكنُ كلامُ الأصحاب لا يوافِقُه، فاعرفه، وانْظُرْ؛ كيف يمكنك تنزيلُ لفظ الكتاب على منقول الأصحاب، وأرادُوا بقوله "أول أبائها" الآباءَ الداخلين في ذلك الدِّين، ويجوز أن يُعْلَم قوله "فإن فُقِدَ النسب"، ففيها قولان للطَّرِيقَةِ القاطعة بالجواز، وكذا قوله: "في الصورة الأخرَى قولانِ" للطريقة القاطعة بالمنع.

المسألة الثانية: الصابِئُونَ طَائِفَةَ تُعَدُّ من النصارى، والسامرة (١) طائفة تُعَدُّ من اليهود، وقد نقل عن الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- توقف [في جواز مناكحتهم، وليس ذلك عند جماهير الأصحاب باختلاف قول لكن أمرهم على] (٢) التفصيل، والمنصوص عليه في "الْمُخْتَصَرِ" أنه إن كانوا يخالفون اليهود والنصارى في أصل دينهم، ولا يُبَالُونَ بنصِّ كتابهم، فلا يناكَحُونَ كالمجوسي، وإن كانوا يخالفونهم] (٣) في الفروع دُونَ الأُصول، ويُؤَوِّلون نصوصَ كتابهم، فيجوزُ مناكحتهم، وحيث توقف إنما تُوقف، ليعرف مقالتهم، والصابِئُونَ (٤) على ما نقل فِرْقَتان؛ فرقةٌ توافقُ النصارَى في أصول


(١) في ز: لأن كل إسرائيلية مأباؤها.
(٢) هؤلاء كانوا يسكنون جبال بيت المقدس وقرايا من أعمال مصر ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود أثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السلام وأنكروا نبوة من بعدهم من الأنبياء إلا نبياً واحداً. وقالوا: التوراة ما بشرت إلا بنبي واحد يأتي بعد موسى يصدق ما بين يديه من التوراة ويحكم بحكمها ولا يخالفها إليه، وتشعبت السامرة إلى دوستانية وهم الألفانية وإلى كوستانية، والدتسانية معناها الفرقة المتفرقة الكاذبة، والكوستانية معناها الجماعة الصادقة وهم يقرون بالآخرة والثواب والعقاب وإن شئت مريد تفصيل فأرجع إلى الملل والنحل للهشرستاني (٢/ ٢٣ - ٢٤).
(٣) سقط في ز.
(٤) يتوقف الحكم في هذه المسألة على معرفة مذهب تلك الطائفة وهل هي من أهل الكتاب أو من =

<<  <  ج: ص:  >  >>