للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= غيرهم. ولبيان ذلك نقول: الصابئ لغة: قيل إن هذا لفظ ليس بعربي وقيل إنه عربي. وعلى الأخير اختلف فيه. فقيل إنه من صبا معتلاً بمعنى مال. وسمي الصابئ به لخروجه عن الدين الحق إلى الدين الباطل وقيل إنه من صبأ المهموز إذا خرج ومن صبأت النجوم من مطالعها إذا خرجت ومن هنا سمت العرب كل من خرج عن دينه إلى غيره صابئاً.
تحديد مذهب الصابئة:-
اضطربت أقوال العلماء فيه. فأقر بها ما حكاه الإِمام "الجصاص" في تفسيره أحكام القرآن قال "الصَّابئون الذين يعرفون بهذا الاسم في هذا الوقت ليس فيهم أهل كتاب وانتحالهم في الأصل واحد أعني الذين بحران والذين بناحية البطائح في سواد واسط وأصل اعتقادهم تعظيم الكواكب السبعة وعيادتها واتخاذها آلهة وهم عبدة أوثان في الأصل إلا أنه منذ ظهر الفرس على إقليم العراق وأزالوا مملكة الصابئين وكانوا نبطاً لم يجروا على عبادة الأوثان ظاهراً لأنهم منعوهم من ذلك. كذلك الروم وأهل الشام والجزيرة كانوا صابئين فلما تنصر قسطنطين حملهم بالسيف على الدخول في النصرانية فبطلت عبادة الأوثان من ذلك الوقت ودخلوا في غمار النصارى بني الظاهر. وبقي كثير منهم على تلك النحلة مستخفين بعبادة الأوثان. فلما ظهر الإِسلام دخلوا في جملة النصارى ولم يميز المسلمون بينهم وبين النصارى إذ كانوا كاتمين لاعتقادهم مستخفين بعبادة الاوثان.
ومن الكلام السابق نلمح أن هذه الفرقة: أصلها عبدة أوثان ثم كتمت وثنيتها تقيه وأظهرت التمسك بالنصرانية خوفاً من القتل واضطرت لذلك إبقاء على نفسها.
وقد وردت عن السلف أقوال أخرى في مذهبهم نورد أهمها فروي عن مجاهد وعطاء أنهم قوم لا دين لهم. وعن قتادة والحسن أنهم قوم يعبدون للملائكة. وعن جماعة آخرين أنهم قوم يعبدون الكواكب. وانقسم هؤلاء إلى فريقين فريق يقول إن خالق العالم هو الله سبحانه وتعالى إلا أنه أمر بتعظيم هذه الكواكب واتخاذها قبلة للدعاء. وفريق آخر قال بأن الله سبحانه هو الخالق لهذه الكواكب وهي مع ذلك المدبرة لما في العالم من خير وشر وصحة ومرض بل أنها الخالقة لها فوجب على البشر لهذا تعظيمه.
وقال قوم: إن الصابئة جماعة تعصيوا للروحانيات واتخذوها واسطة ولما لم يتيسر لهم التقرب يأعيانها. والتلقي منها بذواتها فزعوا إلى هياكلها. وترك جماعة منهم الهياكل وتقربوا إلي الأشخاص. فمن هنا كانت الفرقة الأولى عبدة كواكب والثانية عبدة أصنام. وقال السدي وجماعة: الصابئة طائفة من أهل الكتاب تلك أشهر أقوال السلف في الصابئة بتدبرها يمكن القول بأن من ذهب إلى أنهم قوم لا دين لهم قد يكون مستندة في ذلك. كون الصابئة لم يثبتوا على عقيدة واحدة. وملة منفردة بل تقلبوا في الدين مع الأهواء، وخضعوا لضغط الظروف فأشبهوا المرتدين والمرتد لا دين له -ومن قال أنهم عبدة كواكب أو ملائكة أو تعصبوا للروحانيات. إن أراد أنهم عبدوها حقيقة فهم شركون على الأقوال الثلاثة. وإن أراد أنهم تقربوا بها إلى خالقهم فهم ليسوا بمشركين.
ولقد وجدت بالبحث في فرق الصابئة أن منهم فرقة تقربت وأنجرى عبدت. ومَنْ حَدَّد مذهبهم بأحد الرأيين لعله عرف أمر فرقة وخفي عليه أمور أخرى.
أما من قال إن الصابئة جماعة تقربت بالاشخاص والأصنام ونعتهم بأنهم عبدة أصنام فقول إنما =

<<  <  ج: ص:  >  >>