قَالَ الرَّافِعِيُّ: عَرَفْتَ كيفيَّة اتصالِ الباب بما سبق، وترجمته بـ"نكاح المشركات" ليست أَولَى من ترجمته نكاح المشركين، والشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأكثر الأصحاب ترجموه بـ"نِكاح المشرك" ومقصوده مُودَعٌ في فصولٍ:
الفصل الأول: فيما يُقَرُّ عليه الكافرُ، إِذا أسلم من الأَنكحة الجارية في الكفر، فإِذا أَسلم كافِرٌ، وتحته كتابيةٌ أَو اثنتان إلى أربع، استمر النكاح؛ لجواز نكاح الكتابية في الإِسْلاَم ابتداءً، ولا فرق في ذلك بين اليهوديِّ والمجوسي ولا بين الحربىِّ والذميِّ.
وِإن أَسلمَ، وتحته مجوسية أَو وثنية، أَو مَنْ لا يجوز له نكاحُها من الكافرات، وتخلَّفت هي، نُظِرَ؛ إِن كان ذلك قبل المسيس، تنجزَّتَ الفرقة بينهما، وإِن كان بعْده، فإِن أَسلمتُ قبل انقضاء مدة العدة، استمر النكاح، وإِلاَّ تَبَينَ حصول الفرقة من وقْت إِسْلام الزوج.
ولو أَسلمتِ المرأْةُ، وأَقَرَّ الزوج على الكفر، أيَّ كفر كان، فالحكم كما لو أَسلم الزوج، وأَصرَّتْ هي على التمجُّس أو التوثُّن، فقيل: المسيس تتنجز الفرقة، وبعده يُنْظَر؛ إن أَسلم الزوْجُ قبل أَن تنقضي مدة العدة، استمر النكاح، وإلاَّ تبينَّ حصول الفرقة من وقت إِسْلاَمها.
ولو أَسلم الزوجَانِ الكافران معاً، لم يقْتَضِ تبديلُهُما الدِّين ارتفاعَ النكاح، ويَسْتَوِي فيه جميعُ أنواع الكُفْر وما قبل المسيس وما بعده، والاعتبارُ في الترتيب والمعيَّة بآخر كلمة الإِسلام لا بأولها.
وقال مالك - (رضي الله عنه) -: إِن سبقَتِ المرأَةُ إِلى الإِسْلامِ، فالحكم على ما ذكرنا، وإنْ سبَقَ الرجُلُ عرض عليها الإِسْلام في الحال، فإن أَسلمت، استمَرَّ النكاح، وِإلا، انفسخ في الحال.
وعند أَبي حَنِيْفَةَ: إِذا أَسلم أَحدهما، وهما في دار الإِسلام، يُعْوَضُ الإِسلام ثلاثاً على المتخلِّف منهما، فإِن أَبي، فُرِّقَ بينهما، ويتكون الفُرْقة طلاقاً إِن كان الإباء من الزَّوجِ؛ وفسخاً، إِن كان من الزوجة، وإِن كانا في دار الحرب، وقف إِلى انقضاء ثلاثِ حيضٍ، إِن كانت المرأةُ من ذوات الأقراء أَو ثلاثة أَشهرٍ، إِن لم تُكُن، وإن لم يجتمعا على الإِسلامِ إِلى انقضائها، حَصَلَت الفرقة وتستأنف العدة، إن كان مدخولاً بها، وإذا دَخَلَ الذي أسْلَم منْهما دار الإِسلام، والمتخلف في دار الحرب، حَصَلَتِ الفُرقةُ في الحال؛ لاختلاف الدارَيْن، وكذَا، لو كانا في دار الإِسْلام، فالتحق الكافرُ بدارِ الحرب.
قال: وكذلك، لو الْتحَقَ الذميُّ بدار الحرب ناقضاً للعَهْد؛ وامرأته في دار الإِسلام، حصَلَتِ الفُرْقة بينهما، وكذلك لو كانَ الزوْجَان في دار الحربِ، فدخل الزوج